للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[السنة الخامسة والتسعون]

فيها: أسقط الأمين اسم المأمون وأخيه المؤتمن من الدينار والدرهم، ومن المنابر، فلما تيقن المأمون أن الأمين خلعه .. تسمى بإمام المؤمنين، وكوتب بذلك (١).

وفيها: جهز الأمين علي بن عيسى بن ماهان إلى خراسان في جيش عظيم، وأنفق عليهم أموالا لا تحصى، وأرسل معه بقيد فضة؛ ليقيد به المأمون في زعمه، فلما علم المأمون بذلك .. ندب طاهر بن الحسين بن مصعب الخزاعي وهرثمة بن أعين لحربه في نحو أربعة آلاف فارس، فالتقى الجمعان بالري، فأشرف طاهر بن الحسين على جيش ابن ماهان وهم يلبسون السلاح وقد امتلأت بهم الصحراء بياضا وصفرة في العدد المذهبة فقال طاهر: هذا ما لا قبل لنا به، ولكن اجعلوها خارجية، واقصدوا القلب، ثم أقبل وذكر ابن ماهان البيعة التي للمأمون في عنقه فلم يلتفت، وكان مستهينا بطاهر بن الحسين وقلة جمعه، فالتحم الحرب، فكان علي بن عيسى أول قتيل، وانهزم جيشه، وحمل رأسه على رمح، واستولى طاهر بن الحسين على ما معه من العدد والسلاح، وأرسلوا برأسه إلى المأمون بخراسان، فمن حينه خوطب المأمون بأمير المؤمنين، ولما جاء البريد إلى الأمين بقتل علي بن عيسى، وانهزام جيشه-يقال: إنه كان يتصيد سمكا-فقال للبريدي: دعني، إن كوثرا قد صاد سمكتين، وأنا لم أصد شيئا.

وندم في الباطن على خلع أخيه، وطمع فيه أمراؤه، وفرق عليهم أموالا لا تحصى حتى فرّغ الخزائن، وما نفعوه، وجهز جيشا آخر مقدمه عبد الرحمن الأبناوي أحد الفرسان المذكورين، فالتقاه طاهر بن الحسين أيضا بهمذان، وقتل عبد الرحمن في القتال، وانهزم جيشه بعد أن قتل خلق كثير من الفريقين، ودخل طاهر بن الحسين إلى همذان، ثم زحف حتى نزل بحلوان.

قال الشيخ اليافعي: (هكذا ذكر قتل الأمير علي بن عيسى الخزاعي في هذه الوقعة، قال: وذكرت في غير هذا الكتاب أن الوزير علي بن عيسى المذكور ركب في موكب، فصار الغرباء يقولون: من هذا، من هذا؟ فقالت امرأة: إلى كم تقولون من هذا، من هذا؟ هذا عبد سقط من عين الله، فابتلاه الله بما ترون، فسمعها علي بن عيسى،


(١) «تاريخ الطبري» (٨/ ٣٨٩)، و «المنتظم» (٦/ ٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>