للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٤٦٩ - [البتاني] (١)

محمد بن جابر الرقي البتّاني-بفتح الموحدة، وتشديد المثناة من فوق، وقبل ياء النسب نون-المنجم المشهور الحاسب، صاحب الزنج والأعمال العجيبة، والأرصاد المتقنة، واحد عصره في وقته.

توفي سنة سبع عشرة وثلاث مائة بموضع يقال لها: الحضر-بفتح الحاء المهملة وسكون الضاد المعجمة ثم راء-مدينة بالقرب من الموصل، كان صاحبها الساطرون- بسين وطاء وراء مهملات-فحاصرها أزدشير أول ملوك الفرس أربع سنين، ولم يقدر على البلد حتى فتحت له ابنة الساطرون، وذلك أن أزدشير كان في غاية الجمال، فهويته ابنة الساطرون، فأرسلت إليه أن تفتح الحصن ويتزوجها، فالتزم لها ذلك، فدلته على فتح الحصن، فقيل: دلته على طلسم في الحصن، وكان في علمهم أنه لا يفتح حتى تؤخذ حمامة، فتنزل على سور الحصن، فيقع الطلسم، فينفتح الحصن، ففعل أزدشير ذلك، واستباح الحصن وخربه وأباد أهله، وقتل الساطرون، وسار ببنته وتزوجها وفاء بالشرط، فبينا هي نائمة على فراشها ليلا؛ إذ جعلت تتململ لا يأخذها النوم، فسألها عن ذلك، فقالت: ما نمت على فراش أخشن من هذا الفراش، وأنا أحس شيئا يؤذيني، ففتش الفراش؛ فإذا ورقة آس قد لزقت ببعض عكنها، وهي التي أسهرتها، فعجب من ذلك وقال: هذا الذي أسهرك؟ قالت: نعم، قال: فما كان أبوك يصنع لك؟ قالت: كان يفرش لي الديباج، ويلبسني الحرير، ويطعمني المخ والزبد وشهد أبكار النحل، ويسقيني الخمر الصافي، قال: فكان هذا جزاء أبيك ما صنعت به؟ ! أنت إلي بذلك أسرع، ثم أمر بها فشدت ذوائبها إلى فرسين جامحين، ثم أرسلا فقطعاها قطعا.

وذكر ابن هشام: أن الذي حاصر الحصن سابور ذو الأكتاف (٢)، والأول أصح.


(١) «وفيات الأعيان» (٥/ ١٦٤)، و «سير أعلام النبلاء» (١٤/ ٥١٨)، و «تاريخ الإسلام» (٢٣/ ٥٤٦)، و «الوافي بالوفيات» (٢/ ٢٨٣)، و «مرآة الجنان» (٢/ ٢٧٤)، و «شذرات الذهب» (٤/ ٨٤).
(٢) انظر «سيرة ابن هشام» (١/ ٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>