فدعا له، فأدرك طرفا من الدنيا أيام الشيخ ياسر بن بلال المحمدي.
ولم يزل على حالة مرضية إلى أن توفي بالطرية على رأس سبعين وخمس مائة.
٢٥٢١ - [أبو القاسم ابن عساكر] (١)
الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عساكر.
كان إماما محدثا بارعا، حافظا متقنا ضابطا، ذا علم واسع، ناصرا للسنة، قامعا للبدعة، بحرا زاخرا، ومحققا ماهرا، جمع بين المعقول والمنقول، وميز بين الصحيح والمعلول، وكان شافعي المذهب، غلب عليه الحديث، واشتهر به، وبالغ في طلبه إلى أن جمع منه ما لم يتفق لغيره.
رحل، ولقي المشايخ، ورافق الحافظ أبا سعد عبد الكريم ابن السمعاني في الرحلة.
وله التصانيف المفيدة، والتخاريج الحسنة، فمن مصنفاته «التاريخ الكبير» لدمشق في ثمانين مجلدا، ضمنه العجائب، وجعله على نسق «تاريخ بغداد» للخطيب البغدادي.
حكي عن الحافظ زكي الدين عبد العظيم المنذري أنه قال وقد جرى بين يديه ذكر «تاريخ ابن عساكر»: ما أظن هذا الرجل إلا عزم على وضع هذا التاريخ من يوم عقل على نفسه، وشرع في الجمع من ذلك الوقت، وإلا .. فالعمر يقصر عن أن يجمع الإنسان فيه مثل هذا الكتاب. اهـ
وله تواليف غيره حسنة ممتعة، وله شعر لا بأس به، ومنه: [من الوافر]
ألا إن الحديث أجل علم ... وأشرفه الأحاديث العوالي
وأنفع كل نوع منه عندي ... وأحسنه الفرائد في الأمالي
وإنك لن ترى في العلم شيئا ... يحققه كأفواه الرجال
فكن يا صاح ذا حرص عليه ... وخذه عن الرجال بلا ملال
ولا تأخذه من صحف فترمى ... من التصحيف بالداء العضال
قال بعض أهل العلم بالحديث والتواريخ: ساد أهل زمانه في الحديث ورجاله، وبلغ
(١) «المنتظم» (١٠/ ٥٣١)، و «الكامل في التاريخ» (٩/ ٤٢٢)، و «وفيات الأعيان» (٣/ ٣٠٩)، و «سير أعلام النبلاء» (٢٠/ ٥٥٤)، و «تذكرة الحفاظ» (٤/ ١٣٢٨)، و «العبر» (٤/ ٢١٢)، و «مرآة الجنان» (٣/ ٣٩٣)، و «البداية والنهاية» (١٢/ ٨١٨)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (٧/ ٢١٥)، و «شذرات الذهب» (٦/ ٣٩٥).