لزم المسجد نيفا وعشرين سنة، ثم لحقه مرض، فلم يكد ينقطع عن الجمعة والجماعة والمدرسة.
ولم أقف على تاريخ وفاته، إلا أنه كان موجودا في هذه المائة.
٣٤٩٩ - [عمر بن المبارك](١)
عمر بن المبارك بن مسعود بن سالم بن سعيد بن عمر بن علي بن أحمد بن ميسرة بن جعف بكسر الجيم، وسكون العين المهملة، ثم فاء، النسبة إليه جعفي.
كان فقيها صالحا واعظا، ويعرف بصحبة الفقيه سفيان الأبيني، وكان كبير القدر، مشهور الذكر.
حج ثم زار الضريح الشريف، فيروى أنه أنشد بمسجد الرسول صلّى الله عليه وسلم قصيدة مدح فيها النبي صلّى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر رضي الله عنهما وأهل المدينة يومئذ غالبهم رفضة يبغضون الشيخين، فاستدعاه رجل يدّعي أنه شريف إلى منزله ليكرمه، فلما صار بمنزله .. خيره بين أن يخرج لسانه فيقطعها، أو يقطع رأسه، فمد الفقيه لسانه، فقطع منها جزءا، وناوله الفقيه وقال: هذه جائزتك في مدح أبي بكر وعمر، ونال منهما، فأخذ الفقيه لسانه بيده وخرج إلى الضريح الشريف، فوقف وشكا حاله بقلبه، فلما تهور الليل .. غلبه النوم، فرأى رسول الله صلّى الله عليه وسلم في منامه ومعه الشيخان، فوقف على رأس الفقيه وقال: يا أبا بكر؛ أعد على هذا لسانه، فأخذ أبو بكر رضي الله عنه القطعة من يده، ووضعها على موضع القطع، وتفل عليها وقال: التئمي بحول الله وقدرته، فعادت كما كانت، ثم مسح رسول الله صلّى الله عليه وسلم بيده على رأسه وشيء من جسده، ثم صاحباه رضي الله عنهما كذلك، ودعوا له، فاستيقظ ولسانه صحيح وهو في عافية، فعاد إلى بلده.
ثم حج في السنة الثانية، وزار وأنشد بحضرة الضريح الشريف قصيدة مدح فيها رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وغيرهما من الصحابة رضي الله عنهم في الموضع الذي قام فيه أولا، فلما فرغ من نشيده .. استدعاه شاب حسن الصورة إلى منزله ليكرمه ويتبرك
(١) «السلوك» (٢/ ٢٦٨)، و «طراز أعلام الزمن» (٢/ ٤٤٤)، و «تحفة الزمن» (١/ ٤٥٧)، و «طبقات الخواص» (ص ٢٤٢)، و «النسبة» (ص ٢٢١)، و «مجموع بلدان اليمن» (١/ ٢٦٣).