للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤٢٣٧ - [شرف الدين أبو الذبيح] (١)

إسماعيل بن محمد بن عمر الحباني، شيخ الإسلام، ومفتي الأنام، بحر الحقيقة، وموضح الطريقة، أبو الذبيح شرف الدين.

كان فقيها إماما، جامعا لفنون العلم.

نشأ بالمصنعة، مدينة حبّان، وقرأ بها القرآن، ثم سافر لطلب العلم الشريف، فلقي جماعة من الأئمة الأعلام، مشايخ الإسلام، منهم: الفقيه الإمام جمال الدين محمد بن عيسى اليافعي، والفقيه جمال الدين محمد بن عيسى الحبيشي، فتخرج بهما، ودأب في الطلب، واشتغل حتى برع وتميز، فكانت له اليد الطولى في الفقه والنحو واللغة، والتفسير والحديث، والأصلين، وبلغ في تحقيق هذه العلوم النهاية، وكتب الكثير بخطه الحسن، ودرس وأفتى، وقصد بالفتاوى من جميع الجهات سيما من جهة حضرموت، وانتشرت عنه الفتاوى المشهورة، ومن طالعها وتأمل مسلكه في تنقيح أجوبتها وتحريرها وعدم اقتصاره على حكاية المعتمد من الطريقين أو القولين أو الوجهين أو غير ذلك حتى يأتي بجميع ما في المسألة من الخلاف بين الأصحاب ثم في آخر الجواب يختصر ما بسطه أولا فيقول:

فتمخض من هذا-أو فتلخص، أو فتحصل، أو نحو ذلك-كذا وكذا .. عرف محل الرجل (٢)، وقضى العجب، واعتقد بأنه من منازل التبحر والتحقيق في أعلى الرتب، هذا مع ما انضم إليه من الصلاح والورع والزهد، وترك طلب الرئاسة بالتصدر في المدارس، وولاية الأوقاف والوظائف، بل كان من شأنه القناعة والإقبال على شأنه، وبذل نفسه في بلده وحيثما كان للتدريس والفتوى؛ ابتغاء وجه الله تعالى، وكان يؤثر الفقر على الغنى.

يحكى عنه أن بعض من يباشر خدمته رحمه الله قال له يوما بكلام أفضى به إلى أن حمي الفقيه وضرب خشبة كان جالسا عندها في مسجد الجامع؛ فإذا هي ذهب، فغشي على الخادم المذكور، فما أفاق إلا وهي على حالها الأول، فترك ما كان يجاهر الفقيه به من حثه على طلب الغنى.


(١) «إيضاح المكنون» (٤/ ١٥٦)، و «هدية العارفين» (٥/ ٢١٦)، و «معجم المؤلفين» (١/ ٣٧٩)، و «مصادر الفكر الإسلامي» (ص ٢١٩).
(٢) قوله: (عرف محل الرجل) جواب «من» الشرطية من قوله: (ومن طالعها).

<<  <  ج: ص:  >  >>