للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[السنة الخامسة والستون]

فيها: توجه مروان إلى مصر فملكها، واستعمل عليها ابنه عبد العزيز، ومهد قواعدها، ثم عاد إلى دمشق، ومات بها في رمضان، فعهد بالأمر إلى ابنه عبد الملك، وكان قبل ذلك جهز مروان عبيد الله بن زياد في ستين ألفا ليأخذ له العراق، وخرج التوابون من أهل الكوفة، وقالوا: نحن جنينا جناية عظيمة بقعودنا عن أمر الحسين بن علي، وما نجد خلاصا إلا بطلب ثأره، والتوبة إلى الله تعالى، واجتمع خمسة من رؤسائهم، وهم: سليمان بن صرد، والمسيب بن نجبة الفزاري صاحب علي، وعبد الله بن سعد بن نفيل الأزدي، وعبد الله بن وال التيمي، ورفاعة بن شداد البجلي، وتابعهم ستة عشر ألفا، فلما رجعوا إلى الكوفة لقتال عبيد الله بن زياد .. لم يخرج منهم إلا أربعة آلاف، وتأخر الباقون، وكانوا أصحاب ورع ودين، لا رغبة لهم في مال ولا ولاية غير الثواب، ورأّسوا عليهم سليمان بن صرد، وكان له صحبة من النبي صلّى الله عليه وسلم، وكاتبهم أصحابهم من البصرة والمدائن ليخرجوا معهم، ثم قعدوا عنهم، وعرض عليهم عبد الله بن يزيد والي الكوفة من قبل ابن الزبير أن تكون يدهم واحدة، فأبوا ذلك وخرجوا متجردين لقتال عبيد الله بن زياد، وقد أقبل عبيد الله بن زياد من الشام حتى بلغ عين الوردة، فالتقى مقدمة العراق مقدمة عبيد الله بن زياد وعليها شرحبيل بن ذي الكلاع، فالتقوا بعين الوردة من الجزيرة، وكانت بينهم حرب عظيمة، قتل فيها جم غفير من أهل الشام، وانكسر العراقيون، وقتل من الرؤساء الخمسة أربعة، ولم يبق منهم غير رفاعة بن شداد، وجاءهم وهم في تلك الحال خمس مائة فارس من إخوانهم من المدائن، فلما حجز الليل .. عاد من بقي، وتفرقوا في بلادهم (١).

وفي هذه السنة: مات عبد الله بن عمرو بن العاصي، وكان أصغر من أبيه بإحدى عشرة سنة.

وفيها: ولّى ابن الزبير المهلب بن أبي صفرة خراسان، وحارب الخوارج، فاشتد عليهم، وقتل منهم خلقا كثيرا، وقتل نافع بن الأزرق بعد أن كانوا قد تمكنوا من البلاد، وكادوا أن يغلبوا على البصرة (٢).

***


(١) «تاريخ الطبري» (٥/ ٥٨٣)، و «المنتظم» (٤/ ١٨٧)، و «الكامل في التاريخ» (٣/ ٢٦٢)، و «تاريخ الإسلام» (٥/ ٤٦)، و «البداية والنهاية» (٨/ ٦٥٤).
(٢) «تاريخ الطبري» (٥/ ٦١٣)، و «الكامل في التاريخ» (٣/ ٢٧٦)، و «العبر» (١/ ٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>