للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونسبهم إلى قلة المعرفة، وأنهم ما سافروا في طلب العلم كما سافر، واستطال بالكلام على القاضي أبي الحسين المذكور، فأمر الوزير ابن مقلة بضربه، فضربه سبع درر، فدعا في حال ضربه على الوزير ابن مقلة بأن يقطع الله يده، ويشتت شمله، فكان الأمر كذلك، كما سيأتي في ترجمة ابن مقلة (١)، وأنكر ابن شنبوذ ما كان ينكر عليه من الحروف التي يقرأ بها فيما هو شنيع، وقال فيما سوى ذلك: قرأ به قوم، فاستتابوه، فيقال: إنه رجع عما كان يقرؤه، وإنه لا يقرأ إلا بما في المصحف العثماني، وكتب عليه الوزير محضرا بما قاله، وكتب بخطه ما يدل على توبته.

وتوفي سنة ثمان وعشرين وثلاث مائة.

١٥٠٩ - [الكاتب ابن مقلة] (٢)

أبو علي محمد بن علي بن مقلة الكاتب المشهور، وكان له خط حسن، وهو أول من نقل الخط من الوضع الكوفي إلى هذا الوضع المعروف.

نعم؛ هذبه وزاده طراوة وحسنا ابن البواب كما سيأتي في ترجمته (٣).

كان ابن مقلة المذكور في أول أمره يتولى بعض أعمال فارس، ويجبي خراجها، وتنقلت به الأحوال إلى أن استوزره المقتدر عند قبضه على علي بن عيسى الوزير، وذلك في سنة ست عشرة وثلاث مائة، فبقي في الوزارة إلى سنة ثمان عشرة، ثم قبض عليه، وأحرق محمد بن ياقوت داره، ونفاه المقتدر إلى بلاد فارس بعد أن صادره.

ثم استوزره الإمام القاهر بالله، فأرسل إليه إلى فارس رسولا يجيء به، ورتب له نائبا، فوصل يوم الأضحى من سنة عشرين، ولم يزل وزيره إلى أن اتهمه بمعاضدة مؤنس وغيره على الفتك به، وبلغ ابن مقلة الخبر فاستتر، وذلك في سنة إحدى وعشرين.

ثم استوزره الراضي بالله في سنة اثنتين وعشرين، وفي وزارته هذه ضرب ابن شنبوذ المقرئ سبع درر على قراءته الشواذ في المحراب بعد أن ناظره القراء في ذلك، فدعا عليه ابن شنبوذ بقطع يده وتشتيت شمله، وكان المظفر بن ياقوت مستحوذا على أمور الراضي،


(١) تأتي ترجمته بعد هذه الترجمة مباشرة.
(٢) «وفيات الأعيان» (٥/ ١١٣)، و «سير أعلام النبلاء» (١٥/ ٢٢٤)، و «تاريخ الإسلام» (٤/ ٢٣٩)، و «العبر» (٢/ ٢١٧)، و «الوافي بالوفيات» (٤/ ١٠٩)، و «مرآة الجنان» (٢/ ٢٩١).
(٣) انظر (٣/ ٣٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>