سمع الحسن بن محمد بن أعين، ومروان بن محمد الدمشقي، وعبد الرزاق وغيرهم، وروى عنه مسلم في «صحيحه».
ومات بمكة سنة سبع وأربعين ومائتين.
١٢٢٥ - [الخليفة المتوكل على الله](١)
الخليفة المتوكل على الله أبو الفضل جعفر بن محمد المعتصم بن هارون الرشيد العباسي، ولد في شوال سنة سبع ومائتين.
ولما مات أخوه الواثق .. أحضروا ولد الواثق وهو غلام أمرد قصير، فألبسوه دراعة سوداء وقلنسوة رصافية، فازدروه، فقال لهم وصيف: أما تتقون الله؛ تولون مثل هذا الغلام وهو لا تجوز معه الصلاة؟ !
فتناظروا فيمن يولونها، فذكر أحمد بن أبي دؤاد جعفرا أخا الواثق، فأحضره وألبسه الطويلة، وعممه وقبل بين عينيه وقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، ولقبه المتوكل على الله، ثم غسل الواثق وصلّى عليه.
فأحيى السنة، وأمات البدعة، ونهى الناس عن الخوض في أن القرآن مخلوق، وأمر أئمة الحديث بنشر الحديث وقراءته وإقرائه.
وفيه كرم شديد وتبذير، وكان منهمكا على اللذات والمكاره.
وكان المتوكل قد عهد بالخلافة لولده المنتصر ويقول: سميتك المنتصر، وسماك الناس المنتظر لحمقك، ويشتمه تارة ويتهدده أخرى.
وكان المتوكل قد صادر بعض رؤساء الدولة، فعملوا على الفتك به بمواطأة ولده المنتصر، فدخل عليه خمسة بالسيوف في جوف الليل وهو في مجلس شرابه، فضربوه بسيوفهم، فألقى الفتح بن خاقان نفسه عليه، فقتلوه معه، وذلك في شوال من سنة سبع وأربعين ومائتين، فمدة ولايته خمس عشرة سنة إلا ثلاثة أشهر، ومدة عمره أربعون سنة.
(١) «تاريخ الطبري» (٩/ ٢٢٢)، و «المنتظم» (٧/ ٨)، و «الكامل في التاريخ» (٦/ ١٧١)، و «سير أعلام النبلاء» (١٢/ ٣٠)، و «تاريخ الإسلام» (١٨/ ١٩٤)، و «مرآة الجنان» (٢/ ١٥٤)، و «البداية والنهاية» (١٠/ ٨٠٢)، و «النجوم الزاهرة» (٢/ ٢٧٥)، و «تاريخ الخلفاء» (ص ٤٠٧)، و «شذرات الذهب» (٣/ ٢١٨).