للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

ذكر الأحداث

من أول سنة الهجرة إلى آخر أيام سنة طبقة العشرين الأولى منها

[في السنة الأولى من الهجرة]

: هاجر صلّى الله عليه وسلم من مكة المشرفة إلى المدينة المكرمة ومعه أبو بكر رضي الله عنه، وعامر بن فهيرة يخدمهم، وعبد الله بن أريقط الدّيلي دليلهم، فأعطيا الديلي راحلتهما، وواعداه غار ثور بعد ثلاث، فخرجا من مكة وكمنا في الغار (١)، وكان عبد الله بن أبي بكر غلاما شابّا ثقفا لقنا يبيت عندهما (٢)، فيدّلج من عندهما بسحر (٣)، فيصبح مع قريش كبائت، فلا يسمع أمرا يكادان به إلا وعاه حتى يأتيهما بخبر ذلك حين يختلط الظلام، وكان عامر بن فهيرة مولى أبي بكر يرعى عليهما منحة من غنم (٤)، فيريحها عليهما عشاء، وينعق بها (٥) من عندهما بغلس، قيل: وكانت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما تأتيهما من الطعام بما يصلحهما، وطلبهم المشركون بجميع وجوه الطلب، ومرّوا على غارهما، فوجدوا عليه من نسج العنكبوت وتفريخ الحمام ما ظنوا أنه لم يدخل منذ عام (٦).

ففي «البخاري» عن أبي بكر رضي الله عنه: فرفعت رأسي وإذا أنا بأقدام القوم،


(١) كمن: استخفى.
(٢) الثّقف-كحبر وكتف-: الحاذق الفطن، واللّقن: سريع الحفظ والفهم.
(٣) يدلج-بالتشديد-: يخرج آخر الليل.
(٤) المنحة: الشاة أو الناقة يعطيها صاحبها رجلا يشرب لبنها، ثم يردها إذا انقطع اللبن، هذا في الأصل، ثم كثر استعماله حتى أطلق على كل عطاء.
(٥) نعق: يقال: نعق بالناقة: زجرها.
(٦) حديث نسج العنكبوت أخرجه أحمد (١/ ٣٤٨)، وعبد الرزاق (٩٧٤٣) من حديث طويل، والطبراني في «الكبير» (١١/ ٣٢٢)، وقال الحافظ ابن كثير في «البداية والنهاية» (٣/ ١٩٥) بعد إيراده الحديث بإسناد الإمام أحمد: (وهذا إسناد حسن، وهو أجود ما روي في قصة نسج العنكبوت). وأما زيادة تفريخ الحمام: فأخرجها ابن سعد (١/ ١٩٥)، والبيهقي في «الدلائل» (٢/ ٤٨١)، والطبراني في «الكبير» (٢٠/ ٤٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>