خرج بالكوفة وتبعه خلق كثير، فلما خرج .. أتته طائفة كبيرة وقالوا: تبرأ من أبي بكر وعمر حتى نتبعك، فقال: أتبرأ ممن تبرأ منهما، فقالوا: إذا نرفضك، فمن ذلك الوقت سموا: الرافضة، وسميت شيعة زيد: زيدية.
فلما خرج .. قاتله متولي العراق من جهة هشام بن عبد الملك وهو الأمير يوسف بن عمر بن محمد بن يوسف، وجده محمد بن يوسف المذكور هو أخو الحجاج بن يوسف، فالحجاج عم أبي الأمير يوسف بن عمر المذكور، فخذل زيدا أتباعه من أهل الكوفة، وغدروا به كما غدروا من قبله بجده، فقتل زيد رحمه الله في جمع كثير من أصحابه، وانهزم ابنه يحيى بن زيد إلى خراسان، وصلب على كناسة الكوفة، ويقال: إنهم صلبوه عريانا فنسجت العنكبوت عليه حتى سترت عورته، وإنهم صلبوه إلى غير القبلة فتحولت خشبته إلى القبلة، وبقي مصلوبا إلى أن ولي الوليد بن يزيد، فأمر بإحراق جثته الشريفة فأحرقت، وكان قتله في سنة اثنتين وعشرين ومائة.
٥٨٥ - [القاضي إياس](١)
إياس بن معاوية بن قرة بن إياس المزني البصري أبو واثلة قاضي البصرة المشهور بالذكاء الذي يضرب به المثل في الذكاء، وإياه عنى أبو تمام بقوله:[من الكامل]
إقدام عمرو في سماحة حاتم ... في حلم أحنف في ذكاء إياس
سمع أنس بن مالك، وسعيد بن المسيب، وأباه معاوية بن قرة وغيرهم.
روى عنه محمد بن عجلان، وحميد الطويل، وخالد الحذاء وغيرهم.
كتب عمر بن عبد العزيز إلى نائبه بالعراق عدي بن أرطأة: أن اجمع بين إياس بن معاوية والقاسم بن ربيعة الجرشي، وول قضاء البصرة أحدهما، فجمعهما عدي، فقال: إياس:
أيها الأمير؛ سل عني وعنه فقيهي المصر الحسن البصري وابن سيرين، وكان القاسم يأتيهما، وإياس لا يأتيهما فعرف القاسم أنه إن سألهما .. أشارا به، فقال: لا تسأل عني وعنه، فو الله الذي لا إله إلا هو؛ إنه أفقه وأعلم بالقضاء مني، فإن كنت كاذبا .. فما يحل
(١) «وفيات الأعيان» (١/ ٢٤٧)، و «سير أعلام النبلاء» (٥/ ١٥٥)، و «تاريخ الإسلام» (٨/ ٤١)، و «الوافي بالوفيات» (٩/ ٤٦٥)، و «مرآة الجنان» (١/ ٢٥٧)، و «البداية والنهاية» (٩/ ٣٨٧)، و «تهذيب التهذيب» (١/ ١٩٧)، و «شذرات الذهب» (٢/ ٩٤).