للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم أرسل به إلى والي حصن تعز، وأمره أن يأمر الخطيب بقراءته على المنبر يوم الجمعة بحضرة الفقهاء وغيرهم، ففعل ذلك، فتفرق الفقهاء من ذلك، وتفرقوا في البلاد، وأقام أعيانهم بتعز مهاجرين للمقدسي وابن البانة، ولم يزل ابن البانة ملتصقا بالأشرف، ثم تلطف ودخل على القاضي البهاء محمد بن أسعد العمراني وهو يومئذ قاضي الأقضية مع الوزارة، فحلف له أنه ما تغير عن معتقد أهل السنة، وأراه كتابا صنفه يدل على رجوعه، فقبل منه بعض القبول، وأكثر الفقهاء لم يصدقه على ذلك.

فلم يزل على تلك الحال إلى أن توفي ليلة عيد الفطر من سنة سبع وسبعين وست مائة.

قال الجندي: (وأخبرني الثقة قال: كنت كثيرا ما أرى الفقيه أحمد بن الصفي إذا زار القبور ومر بقبر ابن البانة .. عرج عنه، ثم رأيته مرة قاعدا عنده كاشفا رأسه، فسألته عن السبب، فقال: رأيته البارحة على حالة حسنة وعنده كتب كثيرة حوله، فقال لشخص عنده: هات الكتاب الفلاني للفقيه؛ ليزول عن قلبه ما يجده، فقلت: يا سيدي؛ أنت صادق، ثم اعتنقته واعتنقني، وزال ما في باطني، وعزمت على زيارته) اه‍ (١)

وأما المقدسي .. فلم يزل مقيما بتعز على جوار من الواثق بن المظفر مدة يسيرة بعد ذلك، ومرض مرضا شديدا، وتوفي والفقهاء مهاجرون له، فلم يحضر دفنه غير نفر يسير من عوام الناس.

وكان فقيها عارفا، أصوليا منطقيا، قدم تعز، ودرس في المدرسة العليا المعروفة بمغربة تعز بمدرسة أم السلطان.

٣٢٤٥ - [الأمير أسد الدين الرسولي] (٢)

الأمير أسد الدين أبو عبد الله محمد بن الحسن بن علي بن رسول.

كان أميرا كبيرا فارسا، مشهورا بالقوة والشجاعة، يقال: إنه كان إذا قبض بيده على ركاب الفارس .. ألقى بعضه إلى بعض، فلا ينتفع به صاحبه.

أقطعه عمه المنصور عمر بن علي بن رسول صنعاء في سنة سبع وعشرين، فأقام بها إلى


(١) «السلوك» (٢/ ١١٨).
(٢) «السمط الغالي الثمن» (ص ٢٧٦)، و «السلوك» (١/ ٤٠٤)، و «العقود اللؤلؤية» (١/ ٢٠٤)، و «طراز أعلام الزمن» (٣/ ١٣٥)، و «تحفة الزمن» (١/ ٣٢٩)، و «المدارس الإسلامية» (ص ١٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>