أبو الدر الأستاذ جوهر بن عبد الله المعظمي، نسبة إلى سيده الداعي المعظم محمد بن سبأ بن أبي السعود بن زريع بن العباس بن المكرم الهمداني، صاحب عدن.
كان المذكور خادما تقيا، عاملا ذكيا، عالما كاملا، حافظا، أجمع فقهاء عصره على تسميته بالحافظ؛ لأنه كان لا يحفظ شيئا فينساه.
له مصنفات كثيرة في القراءات والحديث والوعظ، وكان يحب الفقهاء من أهل السنة ويجلهم ويحترمهم، ويكره مذهب مواليه، وببركته صار الإمام بطال بن أحمد الركبي إلى ما صار، وذلك أن أهله تركوه رهينة عند الطواشي جوهر المذكور، فأشفق عليه، وعلمه القرآن، ثم اشتغل بطلب العلم حتى صار إماما مبرزا.
فلم يزل المذكور واليا على حصن الدملوة من قبل مواليه إلى أن وصل سيف الإسلام طغتكين بن أيوب من الديار المصرية، واستولى على جل مملكة اليمن، وغلب على كثير من حصونه ومدنه، ورأى جوهر أنه لا طاقة له به إن قصده، فباع إليه الحصن في سنة أربع وثمانين وخمس مائة، واشترط ألا ينزل من الحصن ولا يطلع لهم نائب حتى يكون عيال سيده كلهم خلف البحر من ناحية بر العجم، وأنهم يركبون من أي ساحل أرادوا من البحر، فأجابه سيف الإسلام إلى ذلك؛ لما يعلم من صعوبة الحصن، وأنه لا يؤخذ قهرا، فلما توثق جوهر، وقبض المال الذي اتفق عليه الحال .. جهز أولاد سيده جميعهم إلى ساحل المخا، وسار معهم في زي امرأة منهم، وأخذ مضنونهم، فنزل صحبته إلى ساحل المخا، وكان قد أرسل من هيأ له سفنا هنالك، فحين وصل إلى الساحل .. ركب هو ومواليه، وسار إلى بر العجم، وترك نائبا له في الحصن، فجهز بقية أموالهم وما يحتاجون له، وكتب له عدة أوراق في كل واحدة منها علامة بخطه، فكان النائب إذا احتاج إلى كتاب إلى سيف الإسلام أو أحد أمرائه .. كتب لهم في تلك الأوراق التي فيها علامة جوهر، فلا يشكون أن جوهرا في الحصن، وكان سيف الإسلام قد أضمر أنه إذا نزل من الحصن .. استرجع جميع ما أعطاه من المال وما أراد أيضا، فلما فرغ ما في الحصن .. نزل النائب، فسئل عن
(١) «السلوك» (١/ ٣٨٣)، و «طراز أعلام الزمن» (١/ ٢٨٧)، و «تحفة الزمن» (١/ ٣٠٩)، و «تاريخ ثغر عدن» (٢/ ٤١).