للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الحوادث]

كان الخواجا إبراهيم من تجار أهل الهند يتردد إلى عدن كل سنة للتجارة، وله مراكب، فحصل عليه جور في ولاية الوجيه عبد الرحمن بن علي بن جميع على عدن، وذلك في آخر أيام الناصر بن الأشرف، فحشر تجار الهند على التجويز بعدن إلى جدة، وجمع نحو سبعة عشر مركبا، وجنب بهم على عدن مجاوزا إلى جدة، وذلك في سنة تسع وعشرين وثمان مائة، وكان الناصر قد توفي إذ ذاك، وتولى ابنه عبد الله المنصور، وأمر بإزالة المظالم بعدن، ولم يتصل العلم بالخواجا إبراهيم المذكور، فمر بالمراكب [ ...... ] (١) مراكبه، وغرق رجاله، وذهبت أمواله، فلما علم التجار بما اتفق لإبراهيم المذكور .. ما عاد جاز أحد معه إلا القليل، وكان غالبهم يدخلون إلى عدن، وإلى ذلك أشار المقرئ شرف الدين إسماعيل بن أبي بكر في قصيدة مدح بها المنصور يقول في أولها: [من الطويل]

جرى لك في خرق العوائد والعرف ... غرائب أدناها يجلّ عن الوصف

فمن شط عنك اليوم جهلا وغرة ... أتاك ذليلا في غد راغم الأنف

وقال في أثنائها:

وأشقى الورى هذا المعذب نفسه ... بما خاض من موج ومن مسلك عسف

وهجر بلاد أنت سلطان أهلها ... إلى بلد للهسف لاقاه والخسف

وما زال يرمى بالخطوب ونفسه ... تقطع من فرط التأسف واللهف

وقال أيضا في قصيدة أخرى يمدح بها المنصور: [من الطويل]

ألم ير إبراهيم إذ طوحت به ... يد الجهل فاستعصى وعض الشكائما

وغر رجالا واستفز عصابة ... ليقطع بالتجويز عنك المواسما

فخانته أقدار السما وبدا له ... من الله أمر لم يكن عنه عالما

ولاقى هوانا مثله لم يلاقه ... وخسفا وهسفا موجعا ومقاوما

وهي طويلة أيضا.

***


(١) بياض في الأصول.

<<  <  ج: ص:  >  >>