للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خدمته، وزادت حرمته عنده، ولم يزل في خدمة السلطان محمود بالشام إلى أن تولى ولده صلاح الدين وزارة الديار المصرية في أيام العاضد العبيدي صاحب مصر، فاستدعى أباه نجم الدين المذكور من الشام وكان في خدمة السلطان نور الدين محمود بن زنكي، فجهزه نور الدين، وسيره إليه، فدخل القاهرة في رجب سنة خمس وستين وخمس مائة، وخرج العاضد إلى لقائه؛ إكراما لولده صلاح الدين، وفعل معه من الأدب ما هو اللائق بمثله، وعرض عليه ولده صلاح الدين أمر الوزارة، وجعله له وقال: يا ولدي ما اختار الله لهذا الأمر إلا أنت، وأنت أهل له، ولا ينبغي أن تغير موضع السعادة، ولم يزل عنده حتى استقل صلاح الدين بمملكة البلاد كما سيأتي في ترجمته (١)، ثم خرج صلاح الدين إلى الكرخ ليحاصرها وأبوه بالقاهرة، فركب يوما ليسير على عادة الجند، فخرج من أحد أبواب القاهرة، فشب به فرسه فألقاه، وبقي متألما أياما، ثم توفي في سنة ثمان وستين وخمس مائة رحمه الله.

وكان رجلا مباركا، كثير الصلاح، مائلا إلى أهل الخير، حسن الثقة، جميل الطوية، دينا عاقلا كريما، وله مآثر محمودة.

٢٥١٢ - [ملك النحاة] (٢)

أبو نزار الحسن بن صافي البغدادي المعروف بملك النحاة.

كان نحويا بارعا، أصوليا متكلما، رئيسا ماجدا، سافر إلى خراسان وكرمان وغزنة، ورحل إلى الشام، واستوطن دمشق، ومن شعره: [من الطويل]

سلوت بحمد الله عنها فأصبحت ... دواعي الهوى من نحوها لا أجيبها

على أنني لا شامت إن أصابها ... بلاء ولا راض بواش يعيبها

ولقب نفسه: ملك النحاة، وكان يسخط على من يخاطبه بغير ذلك، وأخذ عنه جماعة أدباء، واتفقوا على فضله ومعرفته.

وعاش ثمانين سنة، كذا في «تاريخ اليافعي» وذكره فيمن توفي سنة ثمان وستين


(١) انظر (٤/ ٣٤٢).
(٢) «معجم الأدباء» (٣/ ٢٢٦)، و «وفيات الأعيان» (٢/ ٩٢)، و «العبر» (٤/ ٢٠٤)، و «الوافي بالوفيات» (١٢/ ٥٦)، و «مرآة الجنان» (٣/ ٣٨٦)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (٧/ ٦٣)، و «البداية والنهاية» (١٢/ ٧٩٣)، و «بغية الوعاة» (١/ ٥٠٤)، و «شذرات الذهب» (٦/ ٣٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>