الدهر» تأليف أبي المعالي سعد بن علي الوراق الحظيري، والحظيري جعله ذيلا على «دمية القصر وعصرة أهل العصر» للباخرزي، والباخرزي جعل كتابه ذيلا على «يتيمة الثعالبي»، والثعالبي جعل كتابه ذيلا على كتاب «البارع» لهارون بن المنجم، وذكر العماد المذكور الشعراء الذين كانوا بعد المائة الخامسة إلى سنة اثنتين وسبعين بعدها، وجمع شعراء العراق والعجم والشام والجزيرة ومصر والمغرب، ولم يترك إلا النادر، وكتابه المذكور عشر مجلدات، وله كتاب «البرق الشامي» في سبع مجلدات، ووسمه «بالبرق»؛ لسرعة انقضاء تلك الأيام، وله غير ذلك من المصنفات.
وله مع القاضي الفاضل مكاتبات ومحاورات لطاف، فمن ذلك ما يحكى عنه أنه لقيه يوما وهو راكب على فرس فقال له: سر فلا كبا بك الفرس، فأجابه الفاضل: دام علا العماد، فأتى كل منهما بما لا يتغير بالانعكاس، مثل قوله تعالى:{كُلٌّ فِي فَلَكٍ.}
واجتمع مع القاضي الفاضل في مركب السلطان وقد انتشر من الغبار لكثرة الفرسان ما سد الفضاء، فتعجبا من ذلك، فأنشد العماد في الحال:[من مجزوء الكامل]
أما الغبار فإنه ... مما أثارته السنابك
والجو منه مظلم ... لكن أنار به السنابك
يا دهر لي عبد الرحي ... م فلست أخشى مسّ نابك
توفي سنة سبع وتسعين وخمس مائة.
٢٦٨٤ - [المعز إسماعيل الأيوبي](١)
السلطان المعز إسماعيل بن طغتكين بن أيوب، سلطان اليمن.
كان أكبر أولاد أبيه، وكان يعول عليه في كثير من أموره، فظهر لأبيه منه الخروج عن مذهب أهل السنة، فطرده، وخرج مغاضبا لأبيه يريد بغداد، فلما صار بالمخلاف السليماني .. بلغه وفاة أبيه، فرجع إلى اليمن، ودخل زبيد تاسع عشر ذي القعدة سنة ثلاث وتسعين وخمس مائة، فمكث فيها يوما، ثم طلع إلى تعز، وأظهر مذهبه القبيح، فقويت
(١) «السمط الغالي الثمن» (ص ٤٣)، و «السلوك» (٢/ ٥٣٤)، و «بهجة الزمن» (ص ١٣٤)، و «العبر» (٤/ ٣٠١)، و «مرآة الجنان» (٣/ ٤٩٤)، و «طراز أعلام الزمن» (١/ ٢٢٠)، و «تحفة الزمن» (٢/ ٤٧٧)، و «تاريخ ثغر عدن» (٢/ ١٩).