للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان يقوم بكفاية المنقطعين من أصحابه، وكان متحريا في مطعمه بحيث لا يأكل إلا الأرز الذي تجلبه عبيده من بلاد الكفار.

وكان التجار وغيرهم يقصدونه إلى الجزيرة؛ للتبرك، وربما جاءوا بنذر للدّرسة.

وامتحن بالعمى، فأتى إليه الفقيه أبو بكر الحربي أحد تلامذته بطبيب من المهجم ليداويه، وشرط له شيئا، ثم إن الفقيه أملى على ابن ابنه أبياتا أنشدها، فكتبها الولد، وهي: [من الوافر]

وقالوا قد دها عينيك سوء ... فلو عالجته بالقدح زالا

فقلت الرب مختبري بهذا ... فإن أصبر أنل منه النوالا

وإن أجزع حرمت الأجر منه ... وكان خصيصتي منه الوبالا

وإني صابر راض شكور ... ولست مغيرا ما قد أنالا

صنيع مليكنا حسن جميل ... وليس لصنعه شيء مثالا

وربي غير متصف بحيف ... تعالى ربنا عن ذا تعالى

فلما بلغ قوله: (وإني صابر راض شكور) .. رد الله عليه بصره، وأضاء له المسجد، وعاين ابن ابنه وهو يكتب، فقال له: أعط الطبيب ما شرطت له، فقد حصل الشفاء بإذن الله تعالى لا بمداواته.

تفقه ببغداد على الشيخ أبي إسحاق الشيرازي، ودخل اليمن بكتاب «المهذب».

قال الشيخ اليافعي: (وهو أول من دخل به اليمن على ما بلغني) اهـ‍ (١)

توفي بالجزيرة المذكورة على الحال المرضي يوم الخميس لعشر خلون من ربيع الآخر سنة خمس وعشرين وخمس مائة في عشر الثمانين، وقبر إلى جنب مسجده من ناحية الشرق رحمه الله تعالى.

٢٢٤٩ - [عين القضاة الهمذاني] (٢)

أبو المعالي عبد الله بن محمد الهمذاني الملقب بعين القضاة، الفقيه العلامة الأديب.


(١) «مرآة الجنان» (٣/ ٢٤٢).
(٢) «العبر» (٤/ ٦٥)، و «الوافي بالوفيات» (١٧/ ٥٤٠)، و «مرآة الجنان» (٣/ ٢٤٤)، و «طبقات الشافعية الكبرى» (٧/ ١٢٨)، و «شذرات الذهب» (٦/ ١٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>