وتفقه بأحمد بن مقبل من عرج، ثم بحسن بن راشد من العماقي، ثم بأحمد الصّراري من قرية المجزف.
وتزوج امرأة من الفقهاء بني أيمن أصحاب العماقي، فولدت له مسعودا وعبد الله، وكان يسكن عزلة ريدة، بفتح الراء، وسكون المثناة تحت، وفتح الدال المهملة، وآخره هاء تأنيث.
وكان فقيها صالحا، مستجاب الدعوة، نسخ بيده عدة كتب، واشترى كذلك، ووقفها على طلبة العلم من ذريته وغيرهم.
ولم يزل على الحال المرضي إلى أن توفي في صفر سنة أربع وخمسين وست مائة، وقبره مشهور مقصود للزيارة وقضاء الحوائج، يسمع ليلة الجمعة في الغالب من يقرأ القرآن في قبره.
٣٠٥٦ - [عبد الرحمن ابن حديق](١)
عبد الرحمن بن علي بن إسماعيل ابن حديق أبو الفرج، أحد فقهاء قناذر، بضم القاف وفتح النون، ثم ألف، ثم ذال معجمة مكسورة، ثم راء.
كان فقيها عالما، عاملا صالحا، قوالا بالحق، تناظر هو وابن ناصر في جامع الجند، وعنه أخذ جماعة من الفقهاء.
يروى أن المنصور بن علي بن رسول وجبت عليه كفارة الجماع في شهر رمضان، فاستدعى فقهاء الجند ونواحيها وفيهم الفقيه عبد الرحمن المذكور، فسألهم عن المسألة، فأجابوه بما يجاب به سائر الناس، والفقيه عبد الرحمن ساكت، فقيل له: ما لك لا تتكلم؟ فقال: حتى أعرف صاحب القضية، فقيل له: هو السلطان، فقال: لا يجزئه إلا صوم شهرين متتابعين، فنازعه الفقهاء في ذلك، فقال: الغرض حسم المادة لمعاودة الذنب، ولا يكون ذلك من السلطان إلا بصوم شهرين، فأعجب السلطان جوابه.
أقول: واتفق مثل ذلك للإمام يحيى بن يحيى الأندلسي أحد رواة «الموطأ» عن مالك، وذلك أن بعض سلاطين الأندلس وجبت عليه كفارة في شهر رمضان، فأفتاه الإمام يحيى
(١) «السلوك» (٢/ ٩٥)، و «العقود اللؤلؤية» (١/ ١٢١)، و «طراز أعلام الزمن» (٢/ ٦٠)، و «تحفة الزمن» (١/ ٤٣٦)، و «هجر العلم» (٣/ ١٧٦٣).