للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما وعدتيه وإثمها علي، ثم تحرجت أم البنين من هذا القول، فأعتقت كذا وكذا رقبة عما صدر منها من الكلام.

يروى: أن عبد الملك بن مروان قال له: بحق علي بن أبي طالب؛ هل رأيت أحدا أعشق منك؟ قال: يا أمير المؤمنين؛ لو نشدتني بحقك .. لأخبرتك، فقال: نشدتك بحقي إلا ما أخبرتني، فقال: بينا أنا أسير-يا أمير المؤمنين-في بعض الفلوات؛ إذ أنا برجل قد نصب حبالة، فقلت له: ما أجلسك ههنا؟ قال: أهلكني وأهلي الجوع، فنصبت حبالتي هذه لأصيد لهم ولنفسي، فقلت له: أرأيت إن أصبت صيدا أتجعل لي منه جزءا؟ قال: نعم، قال: فبينا نحن كذلك إذ وقعت ظبية في الحبالة، فتبادرنا إليها فحلها وأطلقها، فقلت له: ما حملك على هذا؟ ! قال: دخلتني لها رأفة لشبهها بليلى، وأنشد: [من الطويل]

أيا شبه ليلى لا تراعي فإنني ... لك اليوم من وحشيّة لصديق

أقول وقد أطلقتها من وثاقها ... فأنت لليلى ما حييت طليق

وكان كثير بالمدينة وعزة بمصر فاشتاق إليها، فعزم إلى مصر فدخلها والناس منصرفون عن جنازتها.

وتوفي كثير بالمدينة سنة أربع-أو خمس-ومائة.

٥٢٢ - [الخليفة يزيد بن عبد الملك] (١)

يزيد بن عبد الملك بن مروان الخليفة الأموي أبو خالد، أمه: عاتكة بنت يزيد بن معاوية.

بويع له بالخلافة يوم الجمعة لخمس بقين من رجب سنة إحدى ومائة بعد موت عمر بن عبد العزيز.

قيل: إنه لما استخلف .. قال: سيروا سيرة عمر بن عبد العزيز، فأتوه بأربعين شيخا شهدوا له أن الخلفاء لا حساب عليهم ولا عذاب، نعوذ بالله مما سيلقى الظالمون من شديد العذاب.


(١) «تاريخ الطبري» (٧/ ٢١)، و «المعارف» (ص ٣٦٤)، و «المنتظم» (٤/ ٥٧٦)، و «الكامل في التاريخ» (٤/ ١٦٢)، و «سير أعلام النبلاء» (٥/ ١٥٠)، و «تاريخ الإسلام» (٧/ ٢٧٩)، و «مرآة الجنان» (١/ ٢٢٤)، و «البداية والنهاية» (٩/ ٢٧٢)، و «شذرات الذهب» (٢/ ٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>