كان إمام وقته في علم الطب، وله فيه مصنفات كثيرة منها «الحاوي»، وهو من الكتب النافعة، وكتاب «الأعصاب» و «كتاب المنصوري» وهو على صغر حجمه نافع، جمع فيه بين العلم والعمل.
ومن كلامه: إذا كان الطبيب عالما والمريض مطيعا .. فما أقل لبث العلة.
وقال أيضا: عالج في أول العلة بما لا يسقط القوة.
حكي أن غلاما من بغداد قدم الري، وكان ينفث الدم، وكان قد لحقه ذلك في طريقه، فاستدعى الرازي وأراه ما ينفث، ووصف له ما يجد، فأخذ الرازي مجسه، ورأى قارورته، واستوصف حاله، فلم يظهر له دليل على علته، فاستنظره لقيام دليل يظهر، فيئس العليل من الحياة، ثم إن الرازي فكر وسأله عن المياه التي شربها في طريقه، فأخبره أنه شرب من مستنقعات وصهاريج، فقام في نفس الرزاي بحدة حذقه وجودة فطنته أن علقة علقت به من شرب تلك المياه، وأن ذلك الدم بسببها، فقال له: إذا كان الغد .. أتيتك وعالجتك بما يكون سببا لبرئك بشرط أن تأمر غلمانك بطاعتي، قال: نعم، فانصرف الرازي فجمع من الطحلب مركنين، وأحضرهما من الغد معه وقال له: ابلع هذا، فأبى، فأمر غلمانه أن يضجعوه، فألقوه على قفاه وفتحوا فاه، فجعل الرازي يدس الطحلب في حلقه ويكبسه كبسا شديدا، ويطالبه ببلعه ويتهدده بالضرب إلى أن بلع ما في أحد المركنين، ثم قذف ما ابتلعه، وتأمل الرازي؛ فإذا هو بالعلقة في الطحلب الذي قذفه، ونهض العليل معافى.
يقال: كان اشتغال الرازي بالطب بعد الأربعين من عمره.
وتوفي سنة عشر وثلاث مائة.
(١) «وفيات الأعيان» (٥/ ١٥٧)، و «سير أعلام النبلاء» (١٤/ ٣٥٤)، و «تاريخ الإسلام» (٢٣/ ٤٢٦)، و «العبر» (٢/ ١٥٦)، و «الوافي بالوفيات» (٣/ ٧٥)، و «مرآة الجنان» (٢/ ٢٦٣)، و «شذرات الذهب» (٤/ ٥٨).