للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٥٦٥ - [غلام ثعلب] (١)

أبو عمرو (٢) الزاهد محمد بن عبد الواحد البغدادي، المعروف بالمطرز، غلام ثعلب.

كان إماما في اللغة والأدب، آية في الحفظ والذكاء، أملى ثلاثين ألف ورقة في اللغة من حفظه، استدرك على «الفصيح» كتاب شيخه ثعلب في جزء لطيف سماه «فائت الفصيح» وشرحه، وله كتاب «فائت الجمهرة» و «فائت العين» وكتاب «اليواقيت».

كان معز الدولة قد قلد شرطة بغداد لغلام اسمه خواجا، فبلغ أبا عمرو الخبر وكان يملي كتاب «اليواقيت»، فلما جلس للإملاء .. قال: اكتبوا ياقوتة خواجا: الخواج في أصل لغة العرب: الجوع، ثم فرع على ذلك بابا وأملاه، فعد الناس ذلك كذبا عظيما، ثم تتبعوا كتب اللغة، فوجدوا عن ثعلب عن ابن الأعرابي: الخواج: الجوع، ولسعة روايته وغزارة حفظه كان أدباء زمانه يكذبونه في أكثر نقل اللغة، ويقولون: لو طار طائر .. لقال: حدثنا ثعلب عن ابن الأعرابي ... ويذكر في معنى ذلك شيئا.

والمحدثون يصدقونه ويوثقونه في روايته الحديث، حدث عن أحمد بن عبيد الله النرسي، والكديمي، وأحمد بن سعيد الجمال وغيرهم، وعنه ابن رزقويه، وأبو الحسين بن بشران، وأبو علي بن شاذان وغيرهم.

وكان أكثر ما يمليه من التصانيف يلقيه بلسانه من غير مراجعة صحيفة.

وكان يسأل عن شيء قد تواطأت الجماعة على وضعه فيجيب عنه، ثم يترك سنة، فيسأل عنه فيجيب بذلك الجواب بعينه، سئل مرة عن القنطرة عند العرب (٣) فقال: كذا وكذا، فتضاحك السائلون سرا، ثم بعد شهر دسوا إليه من سأله عن اللفظة بعينها، فقال: أليس قد أجبت عنها بكذا وكذا منذ كذا كذا؟ فتعجبوا من فطنته، واستحضاره للمسألة والوقت.

كان يؤدب ولد القاضي محمد بن يوسف فأملى يوما على الغلام مسائل في اللغة، وذكر


(١) «المنتظم» (٢/ ٢٨٠)، و «معجم الأدباء» (٦/ ٢٥٣)، و «وفيات الأعيان» (٤/ ٣٢٩)، و «سير أعلام النبلاء» (١٥/ ٥٠٨)، و «تاريخ الإسلام» (٢٥/ ٣٣٤)، و «العبر» (٢/ ٢٧٤)، و «البداية والنهاية» (١١/ ٢٧٥)، و «شذرات الذهب» (٤/ ٢٤١).
(٢) كذا في «مرآة الجنان» (٢/ ٣٣٧) و «البداية والنهاية» (١١/ ٢٧٥)، وفي باقي مصادر الترجمة: (أبو عمر).
(٣) حيث إنه سئل عن كلمة قنطرة مصحفة إلى (القبطرة) كما في «وفيات الأعيان» (٤/ ٣٣١)، وإلى (الهرنطق) كما في «معجم الأدباء» (٦/ ٦٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>