للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما نزلت هذه الآية .. بكى عمر وقال: (كنا في زيادة في ديننا، فأما إذا كمل .. فإنه ما يكمل شيء إلا نقص)، فصدقه صلّى الله عليه وسلم في ذلك، ولم ينزل بعدها حلال ولا حرام، ولا شيء من الفرائض والأحكام، وعاش صلّى الله عليه وسلم بعد نزولها إحدى وثمانين ليلة، فكانت في معنى النعي له صلّى الله عليه وسلم.

وفي آخر هذه السنة: قدم إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم رسولا مسيلمة بكتابه وفيه: من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله، السلام عليك، أما بعد: فإني أشركت في الأمر معك، ولنا نصف الأرض ولقريش نصفها، ولكن قريش قوم يعتدون، فقال صلّى الله عليه وسلم لرسوليه: «فما تقولان أنتما؟ » قالا: نقول كما قال، فقال صلّى الله عليه وسلم: «لولا أن الرسل لا تقتل .. لضربت أعناقكما»، ثم كتب إليه: «من محمد رسول الله إلى مسيلمة الكذاب، السلام على من اتبع الهدى، أما بعد: فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده، والعاقبة للمتقين» (١).

وفيها: بعث صلّى الله عليه وسلم جريرا إلى اليمن قبيل موته، فلقي ذا الكلاع (٢) وذا عمرو وغيرهما، مذكور في «صحيح البخاري» (٣).

***

[السنة الحادية عشرة من الهجرة]

: في صفر منها: ضرب على الناس بعثا إلى الشام، وفيهم أبو بكر وعمر وجلّة المهاجرين والأنصار (٤)، وأمّر عليهم أسامة بن زيد، وأمره أن


(١) أخرجه الطبري في «تاريخه» (٣/ ١٤٦)، وسؤاله صلّى الله عليه وسلم للرسولين عند الحاكم (٣/ ٥٢)، وأبي داود (٢٧٥٥)، والطيالسي (٢٥١)، والبيهقي (٩/ ٢١١)، وأحمد (١/ ٣٩١).
(٢) واسمه: اسميفع بن باكوراء.
(٣) «صحيح البخاري» (٤٣٥٩).
(٤) أخرج ذلك ابن سعد في «الطبقات» (٢/ ١٧٠)، وابن أبي شيبة (٨/ ٥٤٩) بأسانيد ضعيفة، لا تقف في وجه ما تواتر من استخلاف النبي صلّى الله عليه وسلم أبا بكر على الصلاة عند ما مرض حتى مات، اللهم إلا إن يوفّق فيقال: لما ضرب البعث .. استنفر له الجميع، ثم استخلف النبي صلّى الله عليه وسلم عند مرضه أبا بكر على الصلاة، فنسخ هذا هذا، والله أعلم، علما أن الواقدي في «المغازي» (٣/ ١١١٨) ذكر بإسناده: أنه لم يكن أبو بكر في البعث، وقال ابن كثير في «البداية» (٥/ ٢٣٤): (ومن قال: إن أبا بكر كان فيهم .. فقد غلط؛ فإن رسول الله صلّى الله عليه وسلم اشتد به المرض وجيش أسامة مخيم بالجرف، وقد أمر النبي صلّى الله عليه وسلم أبا بكر أن يصلي بالناس، فكيف يكون في الجيش وهو إمام المسلمين بإذن الرسول من رب العالمين؟ ! ولو فرض أنه كان قد انتدب معهم .. فقد استثناه الشارع من بينهم بالنص عليه للإمامة في الصلاة التي هي أكبر أركان الإسلام، ثم لما توفي عليه الصلاة والسلام .. استطلق الصديق من أسامة عمر بن الخطاب، فأذن له في المقام عند الصديق، وأنفذ الصديق جيش أسامة)، وانظر «فتح الباري» (٨/ ١٥٢)، و «منهاج السنة» (٨/ ٢٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>