للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجنتين، ناشز الجبهة، محلوق الرأس، مشمّر الإزار، فقال: يا رسول الله؛ اتق الله، فقال: «ويلك؛ أولست أحقّ أهل الأرض أن يتقي الله؟ ! »، ثم ولّى الرجل، فقال خالد: يا رسول الله؛ ألا أضرب عنقه، فقال: «لا؛ لعلّه أن يكون يصلّي»، فقال خالد: وكم من مصلّ يقول بلسانه ما ليس في قلبه، فقال صلّى الله عليه وسلم: «إني لم أومر أن أنقّب عن قلوب الناس، ولا أشقّ بطونهم»، ثم نظر صلّى الله عليه وسلم إلى الرجل وهو مقفّ، فقال: «إنه يخرج من ضئضئ هذا قوم يتلون كتاب الله رطبا لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية».قال الراوي: وأظنه قال:

«لئن أدركتهم .. لأقتلنّهم قتل ثمود» (١).

وفيها: حج صلّى الله عليه وسلم في أربعين ألفا من الصحابة، واختلف في صفة حجه هل كان إفرادا أو تمتعا أو قرانا؟

قال النووي رحمه الله تعالى: (وطريق الجمع بين الروايات: أنه كان أولا مفردا، ثم صار قارنا، فمن روى الإفراد .. فهو الأصل، ومن روى القرآن .. اعتمد آخر الأمر، ومن روى التمتع .. أراد: التمتع اللغوي، وهو الانتفاع والارتفاق، وقد ارتفق بالقران كارتفاق التمتع وزيادة، وهي الاقتصار على فعل واحد) (٢).

وأجمع الأحاديث في سياق حجة الوداع .. حديث جابر الطويل الذي انفرد مسلم بإخراجه (٣).

ولما كان عصر الجمعة والنبي صلّى الله عليه وسلم واقف بعرفة على ناقته العضباء .. نزل قوله تعالى {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} الآية (٤)، فحين نزولها كاد عضد الناقة أن يندق من ثقلها، فنزلت.

قال ابن عباس رضي الله عنهما: (كان ذلك اليوم خمسة أعياد: جمعة وعرفة وعيد اليهود والنصارى والمجوس، ولم تجتمع أعياد أهل الملل في يوم قبله ولا بعده) (٥).


(١) أخرجه البخاري (٤٣٥١)، ومسلم (١٠٦٤)، وأديم مقروظ: جلد مدبوغ بالقرظ، والقرظ: ورق السّلم يدبغ به، ومشرف الوجنتين: بارزهما، وناشز الجبهة: مرتفعها، وفي رواية: ناتئ، ومقفّ: مولّ، وضئضئ: المراد به: النسل والعقب، وأراد بهم: الخوارج.
(٢) «شرح صحيح مسلم» (٨/ ١٣٥).
(٣) «صحيح مسلم» (١٢١٨).
(٤) أخرجه البخاري (٤٥)، ومسلم (٣٠١٧).
(٥) ذكره البغوي في «تفسيره» (٢/ ٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>