وعمّر في أيامه أشياء كثيرة؛ من مساجد، وجوامع، وقناطر، وجسور، وغير ذلك مما فعله هو وأرباب دولته، وكان مغرما بحب الأيتام والإحسان إليهم ولغيرهم.
وتوفي ثالث صفر سنة سبع وخمسين وثمان مائة بعد أن فوض أمر السلطنة لولده المنصور أبو السعادات عثمان في ابتداء توعكه ثاني وعشرين المحرم من السنة المذكورة، ودفن بتربة الأمير قاني باي الجركسي.
وأقام ولده المنصور عثمان بعده في الولاية أربعين يوما، وخلع مستهل ربيع الأول من السنة المذكورة، وجهز إلى الإسكندرية، وتولى الملك الأشرف أبو النصر إينال العلائي الظاهري الناصري.
٤٢٦٠ - [محمد بن أحمد با حنان](١)
محمد بن أحمد با حنان الحضرمي.
قدم من بلده تريم إلى عدن قاصدا ابن عمه محمد بن عبد الرحمن با حنان وكان تاجرا بعدن، فأرسله إلى الحبشة مع بعض سفّارته كالصبي، فمات جميع السفارة الذين أرسلهم محمد بن عبد الرحمن با حنان إلى الحبشة، ماتوا بها بالطاعون، وسلم محمد بن أحمد با حنان صاحب الترجمة، فلما علم محمد بن عبد الرحمن بموتهم .. أيس من المال الذي معهم؛ لما يعرف من حال أهل الحبشة أن من مات فيها من التجار .. استولوا على ماله، ولما يعرفه من ضعف حال ابن عمه وعدم اهتدائه إلى حفظ المال؛ لأنه أول سفر له، ثم إن محمد بن أحمد با حنان وصل إلى عدن وصحبته جميع المال الذي أرسله ابن عمه مع السّفارة لم يفت منه شيء سوى ما دافع به عن المال، فاستفحله، وعرف شهامته ونجابته في أمر الدنيا، فزوجه بابنته.
ولما توفي محمد بن عبد الرحمن المذكور .. خلف ولدا غير رشيد وبنتا وهي زوجة الجمال محمد بن أحمد با حنان، فنصبه على عياله، وبارك الله له في متجره، فاكتسب مالا جزيلا، ولما حصل الجور على الرعية والمتسببين في أيام الناصر بن الأشرف .. هرب غالب الناس من عدن ولحج، وباعوا أملاكهم بأبخس ثمن، فانتهز با حنان الفرصة، واشترى
(١) «جواهر تاريخ الأحقاف» (٢/ ١٦٥) نقلا عن «قلادة النحر».