قال عبد الله بن أحمد ابن حنبل: قالت امرأة لأبي: إني أغزل في الليل على ضوء السراج، وربما طفئ السراج فأغزل على ضوء القمر، فهل علي أن أبين غزل السراج من غزل القمر؟ فقال لها: إن كان عندك فرق .. فعليك أن تبيني ذلك، فقالت: يا أبا عبد الله؛ أنين المريض هل هو شكوى؟ فقال: إني لأرجو ألاّ يكون شكوى، ولكن هو اشتكاء إلى الله تعالى.
قال عبد الله: فقال لي أبي: يا بني؛ ما سمعت قط أحدا يسأل عن مثل ما سألت عنه المرأة، اتّبعها، فتبعتها، فدخلت دار بشر الحافي، فقلت لأبي: إن المرأة أخت بشر الحافي، فقال: إي والله هذا هو الصحيح، محال أن تكون هذه إلا أخت بشر.
قال عبد الله أيضا: جاءت مخة أخت بشر إلى أبي فقالت: يا أبا عبد الله؛ رأس مالي دانقان، أشتري بهما قطنا وأغزله وأبيعه بنصف درهم، فأنفق دانقا من الجمعة إلى الجمعة، وقد مر بي الطائف ومعه مشعل، فاغتنمت ضوء المشعل وغزلت طاقين على ضوئه، فعلمت أن الله سبحانه لي مطالب، فخلصني من هذا خلصك الله، فقال: تخرجين الدانقين ثم تبقين بلا رأس مال حتى يعوضك الله خيرا منه.
قال عبد الله: فقلت لأبي: لو قلت لها: حتى تخرج رأس مالها، قال: يا بني؛ سؤالها لا يحتمل التأويل، فمن هذه المرأة؟ قلت: هي مخة أخت بشر، فقال: من ههنا أتيت.
وفي رواية: أن أخت بشر قالت للإمام أحمد: إن مشاعيل الولاة تمر بنا ونحن نغزل على سطوحنا، أفيحل لنا أن نغزل على شعاعها؟ فقال لها: من أنت رحمك الله؟ فقالت:
أخت بشر الحافي، فقال: صدقت، من بيتكم يخرج الصافي-أو قال: الصادق-لا تغزلي في شعاعها. رحم الله الجميع ورضي عنهم.
١١١٣ - [سعيد بن منصور الخراساني](١)
سعيد بن منصور بن شعبة الخراساني الجوزجاني صاحب السيرة أبو عثمان.
ولد بجوزجان، ونشأ ببلخ، وجاور بمكة سنين، وهو والد أحمد بن سعيد.
(١) «طبقات ابن سعد» (٨/ ٦٣)، و «الجرح والتعديل» (٤/ ٦٨)، و «تاريخ الإسلام» (١٦/ ١٨٤)، و «الوافي بالوفيات» (١٥/ ٢٦٣)، و «العقد الثمين» (٤/ ٥٨٦)، و «تهذيب التهذيب» (٢/ ٤٥).