للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبايع مسلم بن عقبة-بل هو مسرف-أهل المدينة على أنهم عبيد قنّ ليزيد بن معاوية؛ إن شاء .. باع، وإن شاء .. أعتق، غير علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وعلي بن عبد الله بن العباس، أما الأول: فتركه لوصية يزيد له فيه باحترامه ومراعاته، وأما الثاني:

فتركه لقرب أخواله اليمنيين عنه.

والعجب: أن مسلما المذكور شهد العقبة وعمل هذه الأعمال القبيحة وهو مريض في محفة، كأنه خرج للجهاد في سبيل الله، نعوذ بالله من سخط الله (١)!

وفي هذه السنة: توفي مسروق بن الأجدع الفقيه العابد المشهور.

***

[السنة الرابعة والستون]

فيها: سار مسلم بن عقبة من المدينة بعد أن فرغ منها قتلا ونهبا إلى مكة لمحاربة ابن الزبير؛ لأنه لم يبايع ليزيد، فمات مسلم بقديد لسبع بقين من المحرم بعد وقعة الحرة بخمسة وعشرين يوما، واستخلف على جيشه الحصين بن نمير بإشارة من يزيد؛ لأن مسلم بن عقبة خرج من الشام وهو مريض، فقال له يزيد: إن مت .. فأمير الجيش الحصين بن نمير، فسار الحصين بالجيش، فحاصر ابن الزبير بمكة أربعة وستين يوما، ونصبوا المنجنيق على الكعبة، ورموها بالأحجار وبالنار، وذلك في شهر ربيع الأول، فاحترقت أستار الكعبة، قيل: واحترق بها قرنا كبش إسماعيل، وقتل في الحصار بحجر المنجنيق المسور بن مخرمة بن نوفل الزهري، ووقعت صاعقة فأحرقت من أصحاب المنجنيق أحد عشر رجلا، وتضعضعت الكعبة من الرمي بالمنجنيق (٢).

وفيها: مات يزيد بن معاوية بالشام لنيف وسبعين يوما من وقعة الحرة؛ تصديقا للحديث: «من أراد أهل المدينة بسوء .. أذابه الله كما يذوب الملح في الماء» (٣) فبلغ خبر موته إلى ابن الزبير وهو محصور قبل أن يبلغ الحاصرين ذلك، فقال لهم: على طاعة من تقاتلون؟ قالوا: على طاعة يزيد بن معاوية، قال: إنه قد توفي.


(١) «تاريخ الطبري» (٥/ ٤٨٢)، و «المنتظم» (٤/ ١٧٣)، و «الكامل في التاريخ» (٣/ ٢١١)، و «مرآة الجنان» (١/ ١٣٨)، و «البداية والنهاية» (٨/ ٦١٦)، و «شذرات الذهب» (١/ ٢٨٣).
(٢) «تاريخ الطبري» (٥/ ٤٩٦)، و «المنتظم» (٤/ ١٨١)، و «الكامل في التاريخ» (٣/ ٢٢١)، و «البداية والنهاية» (٨/ ٦٢٣)، و «شذرات الذهب» (١/ ٢٨٧).
(٣) أخرجه مسلم (١٣٨٦)، وابن حبان (٣٧٣٧)، والحاكم في «المستدرك» (٤/ ٥٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>