للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتجاريا الكلام، فرفع عصاه وشجها بها في رأسها، وخرج إلي وأنا أضحك، فقال:

ما يضحكك؟ ! قلت: خير، فقال: والله لتخبرنّي، فأخبرته بقصة الرجل والمرأة اللذين نزلت عليهما قبله، فقال: إن هذه التي عندي أخت ذلك الرجل، وتلك التي عنده أختي، فبت متعجبا، وانصرفت.

وحكى الهيثم أيضا قال: صار سيف عمرو بن معدي كرب الزبيدي الذي اسمه (الصمصامة) إلى موسى الهادي، فجرّده يوما وجعله بين يديه، وأذن للشعراء فدخلوا عليه، ودعا بمكتل فيه بدرة، وقال: قولوا في هذا السيف، فبدر ابن يامين البصري وأنشد: [من الخفيف]

حاز صمصامة الزبيديّ من بي‍ ... ن جميع الأنام موسى الأمين

سيف عمرو وكان فيما سمعنا ... خير ما أغمدت عليه الجفون

أخضر اللون بين حدّيه برد ... من ذباح تبين فيه المنون

أوقدت فوقه الصواعق نارا ... ثم شابت به الزعاف القيون

فإذا ما سللته بهر الشم‍ ... س سناه فلم تكد تستبين

ما يبالي من انتضاه لضرب ... أشمال سطت به أم يمين

وكأنّ الفرند والجوهر الجا ... ري في صفحتيه ماء معين

مع أبيات أخر، فقال الهادي: أصبت والله ما في نفسي! واستخفه السرور، وأمر له بالمكتل والسيف، فلما خرج .. قال للشعراء: إنما حرمتم من أجلي فشأنكم والمكتل، ففي السيف غنائي، قال في «مروج الذهب»: (فاشتراه منه بخمسين ألفا) (١).

وتوفي الهيثم سنة ست ومائتين.

١٠٠٦ - [طاهر بن الحسين الخزاعي] (٢)

طاهر بن الحسين الخزاعي من أنفسهم، وقيل: مولاهم، الملقب ذا اليمينين.

لما خلع الأمين أخاه المأمون، وسير علي بن عيسى بن ماهان لحربه، والوصول به


(١) «مروج الذهب» (٤/ ١٩٤).
(٢) «تاريخ بغداد» (٩/ ٣٥٨)، و «المنتظم» (٦/ ١٦٣)، و «وفيات الأعيان» (٢/ ٥١٧)، و «سير أعلام النبلاء» (١٠/ ١٠٨)، و «تاريخ الإسلام» (١٤/ ٢٠٣)، و «الوافي بالوفيات» (١٦/ ٣٩٤)، و «مرآة الجنان» (٢/ ٣٤)، و «النجوم الزاهرة» (٢/ ١٤٩)، و «شذرات الذهب» (٣/ ٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>