بكر بن عمر بن يحيى أبو السجّاد الفرساني، التغلبي نسبا.
كان فقيها كبيرا، عارفا ورعا زاهدا، تفقه بجبا.
قال الجندي: (وأظنه أدرك أبا بكر بن يحيى بن إسحاق.
ولما أتم تفقهه .. رجع إلى بلده موزع-وكان قومه قد اغتصبوا أرض موزع-فشق عليه وجود الطعام الحلال، وكان يجتلبه من الأماكن البعيدة، فلما طال عليه الأمر .. قصد موضعا مباحا لا يتصور أنه كان مملوكا لأحد من الناس، فعمره وازدرعه لنفسه، فكان يحصل منه ما يقوم بعائلته ودرسته والواردين إليه، وكان من أكبر أهل زمانه علما وعملا، سالكا طريق السلف.
وله كرامات كثيرة، منها: ما ذكره الفقيه أحمد بن موسى بن عجيل، وكان كثيرا ما يعظمه ويعدد فضائله، وذكر: أنه أوتي الاسم الأعظم، وأوتي خصيصة من خصائص الأنبياء وهي: أنه متى قعد على الأرض للبراز .. انفتحت له، وابتلعت ما خرج منه، فإذا قام .. التأمت.
قال الجندي: وقد ذكر ذلك القاضي عياض في حق نبينا صلّى الله عليه وسلم فيما جمع من خصائصه عليه الصلاة والسلام.
ويحكى: أن شخصا كان يحفظ زرع الفقيه، وكان لا يزال متعمما بخرق يلف بها رأسه، فخرج الفقيه يوما إلى الزرع، فوجده نائما وقد زالت عمامته عن رأسه، وإذا رأسه عظم لا جلد عليه، فتعجب الفقيه من انكشاف عظم رأسه، ثم أيقظه، فقام دهشا، فستر رأسه بتلك الخرق، فقال له الفقيه: لا بأس عليك، وهوّن عليه الحال، وسأله عن سبب ذلك فقال: كنت من أولاد زبيد المسرفين على أنفسهم، وكنت أنبش القبور، وأبيع أكفان الموتى، فتوفيت بنت لأحد التجار، وسمعت أنها كفنت بكفن نفيس، فنبشت قبرها ليلا،
(١) «السلوك» (٢/ ٣٨٧)، و «طراز أعلام الزمن» (١/ ٢٥٨)، و «تحفة الزمن» (٢/ ٣٥٢)، و «هجر العلم» (٤/ ٢١٥١).