١٥٢٦ - [أبو بكر الشبلي] (١)
أبو بكر الشبلي، الشيخ الكبير، العارف بالله الشهير، واسمه: دلف بن جحدر.
اشتغل أول أمره بالفقه، وبرع في مذهب مالك، ثم سلك وصحب الجنيد وغيره من مشايخ عصره.
وكان نسيج وحده حالا وظرفا وعلما.
سأله بعض الفقهاء عن مسألة في الحيض امتحانا، فذكر له فيها ثمانية عشر قولا للعلماء، ولم يكن عند ذلك الفقيه من الأقوال سوى ثلاثة.
قيل: تاب في ابتداء أمره في مجلس خير النساج.
ومجاهداته في أول أمره فوق الحد، وكان يبالغ في تعظيم الشرع، وإذا دخل رمضان ..
جد في الطاعات ويقول: هذا شهر عظمه الله ربي عزّ وجل، وأنا أولى بتعظيمه.
دخل يوما على شيخه الجنيد وامرأته عنده، فوقف بين يديه، وصفق بيديه وأنشد: [من الخفيف]
عودوني الوصال والوصل عذب ... ورموني بالصد والصد صعب
زعموا حين عاتبوا أن ذنبي ... فرط حبي لهم وما ذاك ذنب
لا وحق الخضوع عند التلاقي ... ما جزاء من يحب إلا يحبّ
فقال الجنيد: نعم يا أبا بكر، فأرادت امرأة الجنيد أن تستتر منه فقال لها الجنيد:
لا عليك، هو غائب لا يراك، ثم بكى بعد إنشاده، فقال الجنيد لامرأته: استتري عنه الآن، فقد حضر.
وقال بعضهم: دخلت على الشبلي يوما في داره وهو يصيح ويقول: [من الهزج]
على بعدك لا يصب ... ر من عادته القرب
ولا يقوى على هجر ... ك من تيمه الحب
(١) «طبقات الصوفية» للسلمي (ص ٣٣٧)، و «حلية الأولياء» (١٠/ ٣٦٦)، و «المنتظم» (٨/ ٢٣٨)، و «وفيات الأعيان» (٢/ ٢٧٣)، و «سير أعلام النبلاء» (١٥/ ٣٦٧)، و «تاريخ الإسلام» (٢٥/ ١١٦)، و «مرآة الجنان» (٢/ ٣١٧)، و «شذرات الذهب» (٤/ ١٨٩).