ولا يفطن له لسهولة ألفاظه واقتداره على الكلام، وفي ذلك يقول بعضهم: [من الطويل]
عليم بإبدال الحروف وقامع ... لكل خطيب يغلب الحقّ باطله
وقال آخر: [من البسيط]
ويجعل البر قمحا في تصرفه ... وخالف الراء حتى احتال للشّعر
ولم يطق مطرا والقول يعجله ... فعاذ بالغيث إشفاقا من المطر
يضرب به المثل في ذلك، وقد أكثروا في ذلك من أشعارهم، ومنه قول أبي محمد الخازن من قصيدة يمدح فيها الصاحب ابن عباد: [من البسيط]
نعم تجنّبت «لا» يوم العطاء كما ... تجنب ابن عطاء لفظة الراء
وقال آخر: [من الكامل]
وجعلت وصلي الراء لم تنطق به ... وقطعتني حتى كأنك واصل
ولقد أحسن في قوله: (وقطعتني حتى كأنك واصل) حسنا بالغا.
وقال آخر: [من الطويل]
أعد لثغة لو أن واصل حاضر ... ليسمعها ما أسقط الراء واصل
وكان واصل يتجنب النطق بكلمة فيها راء، ويعدل إلى لفظة بمعناها لا راء فيها.
ويحكى: أن بعض الوزراء كان ألثغ بالراء، فامتحن بدفع ورقة ليقرأها بحضرة سلطانه وفيها: أمر أمير المؤمنين أن تحفر له بئر على قارعة الطريق ليشرب منها الراجل برمحه، والفارس بفرسه، فقرأها في الحال: فوض خليفة الله على عباده أن يعمق له قليب على الجادة لأبناء السبيل، ذو الجواد بجواده، وذو القناة بقناته.
توفي واصل المذكور سنة إحدى وثلاثين ومائة.
٦٤٣ - [أبو عبد الحميد الدمشقي] (١)
إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر المخزومي مولاهم أبو عبد الحميد الشامي الدمشقي، يقال: إن اسم أبي المهاجر: أقرم.
(١) «سير أعلام النبلاء» (٥/ ٢١٣)، و «تاريخ الإسلام» (٨/ ٣٧٤)، و «تهذيب التهذيب» (١/ ١٦٠)، و «شذرات الذهب» (٢/ ١٣٤).