للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[السنة التاسعة والخمسون]

تقدم في السنة التي قبلها أن المشايخ علي وعامر ابني طاهر لما دخلا عدن .. أخرجا الأمير جياش بن سليمان السنبلي من عدن مطرودا، فخرج إلى موزع هو ومن معه من أهله وكانوا نحو ثلاثين، فلما استقر بموزع .. كاتب العبيد ليأذنوا له في دخول زبيد، فرضي بعضهم، وكره البعض، وممن رضي بدخوله يوسف بن الفلفل، وهو طاغيتهم يومئذ، أدخله زبيد على غضب الكارهين، فلما استقر بها .. أظهر لهم النصح، فأمنوه، فكتب إلى الملك المجاهد علي بن طاهر يخبره بانحلال أمر العبيد وضعف شوكتهم، فرد إليه الجواب بأن يسعى في الإفساد بين العبيد وتفريق كلمتهم، فلم يزل يعمل الحيلة حتى حالف عبيد السعد وعبيد الشمسي للملك المجاهد، فلما استوثق منهم بذلك .. راسل الملك المجاهد مع جماعة من كبراء البلد وقضاتها وعلمائها، فلما وصله الكتب .. خرج من عدن ثالث شوال من سنة تسع وخمسين إلى بلده جبن، فجمع الجند إلى تعز، فواجهه القرشيون بتعز وكانوا في غاية الكثرة واجتماع الكلمة، فأكرمهم وأنعم عليهم، ووعدهم بكل جميل، ثم سار من تعز إلى موزع، فدخلها في ذي القعدة، فلما سمع به العبيد .. حاصوا حيصة حمر الوحش ولم ينتظم لهم أمر، فأرسل المجاهد للشيخ يحيى بن عمر الثابتي صاحب الحديدة بمال، وأمره أن يستقر ببيت الفقيه ابن عجيل، ويواعد العرب هنالك، فوصل إليها، واستقر بها في جماعة من أهله، ثم عزم المجاهد من موزع إلى حيس، فدخلها ليلة عيد النحر، فاشتد ضيق العبيد، وبلغت القلوب منهم الحناجر (١).

وفي ليلة الحادي عشر من ذي الحجة: خرج جماعة من العبيد المعروفين بعبيد فشال هاربين تسوروا الدروب (٢).

وفي صبيحة تلك الليلة: جمع الأمير جياش السنبلي عنده أكابر العبيد، وأمر مناديا ينادي في المدينة بأن البلد للملك المجاهد علي بن طاهر، فقال له فرج خيري أحد طغاة العبيد: من أذن لك في هذا النداء؟ وأراد إثارة الفتنة، فأمر الأمير أخويه إسماعيل والصديق أن يقتلاه، فقتلاه، ورميت جثته إلى الشارع من كوة بدار الأمير والعبيد مجتمعون حول البيت من الموافقين والمخالفين، ثم قبض على عبد الله بن زيتون أحد طغاة العبيد


(١) «بغية المستفيد» (ص ١٢٢).
(٢) «بغية المستفيد» (ص ١٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>