للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأمارة ما صلّى عند قبري كذا وكذا مرة .. يدفع إليك كذا وكذا، وعين شيئا كثيرا من الصلاة عليه ومن المال، فلما أصبح الرجل .. ذهب إلى الوزير ومعه المقرئ أبو بكر بن مجاهد المشهور، فقال الوزير لابن مجاهد: ما حاجتك يا أبا بكر؟ قال: يدني الوزير هذا الشيخ ويسمع كلامه، فسأل ذلك الشيخ عن قصته، فأعلمه بضرورته وما قال له النبي صلّى الله عليه وسلم، فذرفت عينا الوزير وقال: صدق رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وصدقت أيها الشيخ، هذا شيء لم يكن اطلع عليه إلا الله عزّ وجل ورسوله، ثم استدعى بالكيس، فعدّ له ألفا وقال: هذا ما أمر به رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ثم عد له ألفا أخرى وقال: هذا شكر ما ذكرت عن النبي صلّى الله عليه وسلم.

قال الشيخ اليافعي: (وأشك في ألف ثالث دفعه إليه بشارة) (١).

ركب علي بن عيسى الوزير يوما في موكبه، فصار الغرباء يقولون: من هذا، من هذا؟ ! فقالت امرأة: إلى كم تقولون: من هذا، من هذا؟ ! هذا عبد سقط من عين الله، فابتلاه الله بما ترون، فسمعها علي بن عيسى، فرجع إلى منزله، فاستعفى من الوزارة، وذهب إلى مكة وجاور بها، وتوفي سنة أربع وثلاثين وثلاث مائة.

١٥٢٥ - [القائم ابن المهدي] (٢)

القائم بأمر الله أبو القاسم محمد بن المهدي عبيد الله، الداعي الباطني، صاحب المغرب، سار مرتين إلى مصر؛ ليتملكها، فما قدر له إلا دخول الإسكندرية في المرتين معا، وفي الثالثة جاء بعسكر عظيم وبلغ الجيزة، فوردت الأخبار بذلك إلى بغداد، فجهز المقتدر مؤنسا الخادم لمحاربته بالرجال والأموال، فجد في السير، والتقيا بمصر، وجرت بينهما حروب لا توصف، ووقع في عسكر القائم الوباء والغلاء، فمات الناس والخيل، فرجع إلى إفريقية ومعه عسكر مصر، وكان وصوله إلى المهدية في رجب سنة سبع وثلاث مائة، وفي أيامه خرج أبو يزيد مخلد بن كيداد الخارجي، وجرت له أمور يطول شرحها.

ومات القائم بالمهدية في سنة أربع وثلاثين وثلاث مائة.


(١) «مرآة الجنان» (٢/ ٣١٧).
(٢) «وفيات الأعيان» (٥/ ١٩)، و «سير أعلام النبلاء» (١٥/ ١٥٢)، و «تاريخ الإسلام» (٢٥/ ١١٤)، و «العبر» (٢/ ٢٤٦)، و «تاريخ ابن خلدون» (٤/ ٥١)، و «شذرات الذهب» (٤/ ١٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>