وفيها: لم يحج أحد من العراق؛ خوفا من القرامطة، ونزح أهل مكة منها؛ خوفا منهم.
وفيها: توفي أبو الليث نصر بن القاسم البغدادي الفرائضي، وكان ثقة، ومحمد بن محمد الباهلي، ومحمد بن عمر بن لبابة القرطبي.
***
[السنة الخامسة عشرة بعد الثلاث مائة]
فيها: نازلت القرامطة الكوفة في سبع مائة فارس، وثمان مائة راجل، فسار يوسف بن أبي الساج في أربعين ألف فارس، فلما تحقق عدتهم .. استهان بهم، فكتب إلى المظفر بالفتح قبل أن يلقاهم، ثم التقاهم، فانهزم عسكر يوسف بن أبي الساج، وقتل منهم عدة، وأسر أميرهم يوسف، فورد الكتاب أول النهار بالظفر، وآخره بالهزيمة.
ثم سار القرمطي إلى بغداد، فماج أهلها، وخرج إليه مؤنس المظفر وبنو حمدان- أبو الهيجاء بن حمدان وإخوته-في أربعين ألفا، فقطعوا القنطرة، فوصل إليها القرمطي فوجدها مقطوعة، وسبر المخاضة فلم يجد فيها معبرا، فعادوا إلى الأنبار، وأوقع الله الخذلان في العسكر، فلم يتجاسروا على العبور إليهم مع كثرتهم وقلة القرامطة، وتصدق المقتدر عند انصراف القرمطي بمائة ألف درهم.
وعند عود القرمطي إلى الأنبار رأى يوسف بن أبي الساج وهو في الأسر قد أخرج رأسه من خيمة يتطلع، فضرب عنقه وعنق جماعة معه، وسار القرمطي إلى هيت، فبادر العسكر، ودخل الوزير علي بن عيسى على المقتدر وقال: قد تمكنت هيبة هذا الكافر من القلوب، فخاطب السيدة في مال تنفقه في الجيش، وإلا .. فما لك إلا أقاصي خراسان، فأخبر أمه بذلك، فأخرجت خمس مائة ألف دينار، وأخرج المقتدر ثلاث مائة ألف دينار، ونهض ابن عيسى في استخدام العساكر، وجددت على بغداد الخنادق، وعدمت هيبة المقتدر، وشتمه الجند (١).
وفيها: توفي الحافظ أحمد بن علي بن الحسين الرازي النيسابوري، صاحب
(١) «المنتظم» (٨/ ٧٨)، و «الكامل في التاريخ» (٦/ ٧١١)، و «تاريخ الإسلام» (٢٣/ ٣٦٣)، و «البداية والنهاية» (١١/ ١٨٥)، و «شذرات الذهب» (٤/ ٧٢).