للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان حافظا إماما في السنة والرد على المبتدعة، لكنه غير ثقة ولا مأمون، رمي بوضع الأحاديث على الثقات، وبقلب الأسانيد مع الكذب في ادعاء شيوخ، وسماع المرويات.

توفي سنة ثلاث وعشرين وثلاث مائة.

١٤٩٥ - [أبو محمد الشاوري] (١)

عبد الله بن العباس أبو محمد الشاوري، كان من أعيان الزمن، خصيصا بمنصور بن حسن القائم بدعوة العبيديين باليمن، وكان قد أرسله منصور إلى عبيد الله المهدي صاحب إفريقية، وأرسل معه بهدية حسنة، وصار عند المهدي بمكانة.

فلما أحس منصور بالموت .. جمع بين ابنه وبين عبد الله بن العباس المذكور وقال:

أوصيكما بهذا الأمر، فاحفظاه ولا تقطعا دعوة بني عبيد الله، فنحن غرس من غروسهم، ولولا ما دعونا إليه من طاعتهم .. ما بلغنا المراد، ولا تم لنا أمر، فعليكم بمكاتبة إمامنا عبيد الله المهدي، فلا تقطعا أمرا دون مشاورته.

فلما توفي منصور-كما تقدم في العشرين الأولى من هذه المائة (٢) -كتب وصيّه عبد الله بن العباس المذكور إلى عبيد الله المهدي-وكان المهدي مقيما بالمهدية-يخبره بوفاة منصور وترك أمر الدعوة مرجأ حتى ترد أوامره، وأعلم المهدي أنه يقوم بأمر الدعوة قياما مرضيا وافيا دون أولاد منصور، وبعث بالكتاب مع بعض أولاد منصور إلى المهدي، فلما وقف عليه المهدي-وكان قد عرف الشاوري معرفة تامة يوم قدومه عليه برسالة منصور، وأفهمه أنه مكمل للدعوة، وخشي المهدي عجز أولاد منصور عنها، وكان ابن منصور لم يعلم بما في الكتاب الذي كتبه الشاوري-كتب المهدي إلى الشاوري بالاستقلال، وعاد ولد منصور خائبا مضمرا للشر، فلما وصل جواب المهدي إلى الشاوري .. استقل الشاوري بالأمر، وجعل بنو منصور يواصلونه، وهو يكرمهم ويبجلهم، ولا يحجب أحدا منهم.

ثم إن ولد منصور الذي وصل بجواب المهدي دخل يوما على الشاوري، فلم يجد عنده أحدا، فقتله واستولى على البلاد، وجمع الرعايا من أنحاء بلده، وأشهدهم على نفسه


(١) «السلوك» (١/ ٢١٣)، و «بهجة الزمن» (ص ٧٣)، و «طراز أعلام الزمن» (٢/ ١١٤)، و «تحفة الزمن» (١/ ١٥٠)، و «هجر العلم» (١/ ١٤٨).
(٢) لم تتقدم له ترجمة، ولا ذكرت قصة وفاته.

<<  <  ج: ص:  >  >>