للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

توفي شهيدا رحمه الله في شهر رمضان من سنة ثمان وأربعين وخمس مائة، قتله الغز لما استولوا على نيسابور، ورثاه جماعة من العلماء، ومنهم أبو الحسن علي بن أبي القاسم البيهقي، قال فيه: [من الكامل]

يا سافكا دم عالم متبحر ... قد طار في أقصى الممالك صيته

بالله قل لي يا ظلوم ولا تخف ... من كان محيي الدين كيف تميته

٢٣٧٨ - [أبو منصور العبيدي] (١)

أبو منصور إسماعيل الملقب بالظافر بالله بن الحافظ لدين الله العبيدي، سلطان مصر.

كان منهمكا في الملاهي والقصف، وكان يأنس إلى نصر بن عباس ولد وزيره، وكان نصر في غاية الجمال، فاتهم الناس الظافر باللعب به، فقال له أبوه: قد أتلفت عرضك بصحبة الظافر، وتحدث الناس فيكما، فاقتله حتى تسلم من هذه التهمة، فدس نصر على الظافر من قتله، وأخفى جثته، وأعلم أباه عباسا بذلك، فلما كان الصبح من ليلة قتله ..

حضر عباس إلى باب القصر، وطلب الحضور عند الظافر لشغل مهم، وطلبه الخدم في المواضع التي عادته أن يبيت فيها، فلم يوجد، فقيل لعباس: ما نعلم أين هو؟ فنزل عن مركوبه، ودخل القصر بمن معه وقال للخدم: أخرجوا إلي أخوي مولانا، فأخرجوا له جبريل ويوسف ابني الحافظ، فسألهما عنه، فقالا: سل ولدك؛ فإنه أعلم به منا، فأمر بضرب رقابهما وقال: هذان قتلاه، ثم استدعى عيسى ولد الظافر وعمره خمس سنين، وقيل: سنتان، فحمله على كتفه، ووقف في صحن الدار، وأمر أن يدخل الأمراء، فدخلوا، فقال: هذا مولانا؛ فقد قتل عماه أباه، وقد قتلتهما كما ترون، فالواجب إخلاص الطاعة للطفل، فصاحوا صيحة واحدة اضطرب منها الطفل، فمال على كتف العباس، ولقبه: الفائز، وسيره إلى أمه، واختل الطفل من تلك الصيحة، فصار يفزع في كل وقت ويختلج، وخرج عباس إلى داره، ودبر الأمور، وانفرد بالتصرف، وذلك في سنة تسع وأربعين وخمس مائة.


(١) «الكامل في التاريخ» (٩/ ٢١٢)، و «كتاب الروضتين» (١/ ٣٠٩)، و «وفيات الأعيان» (١/ ٢٣٧)، و «العبر» (٤/ ١٣٦)، و «الوافي بالوفيات» (٩/ ١٥١)، و «مرآة الجنان» (٣/ ٢٩٥)، و «شذرات الذهب» (٦/ ٢٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>