قال عبد الرحمن بن مهدي: الأئمة أربعة؛ الثوري بالكوفة، ومالك بالحجاز، وحماد بن زيد بالبصرة، والأوزاعي بالشام.
وقال غيره: ما رأيت أحفظ من حماد بن زيد.
ولد في ولاية سليمان بن عبد الملك، وتوفي يوم الجمعة لعشر بقين من رمضان سنة تسع وسبعين ومائة.
٨٥٣ - [الوليد بن طريف](١)
الوليد بن طريف الشيباني الخارجي.
خرج بالجزيرة في سنة ثمان وسبعين، وقتل إبراهيم بن حازم بن خزيمة بنصيبين، ثم مضى إلى أرمينية، واشتدت شوكته بها، وكسر الجيوش، فجهز إليه الرشيد جيشا كثيفا، وأمّر عليهم مقدمه أبا خالد يزيد بن مزيد بن زائدة الشيباني ابن أخي معن بن زائدة الجواد المشهور، فجعل يزيد يخاتله ويماكره، وكانت البرامكة منحرفة على يزيد، فأغروا به الرشيد، وقالوا: إنه يراعيه لأجل الرحم، وإلا .. فشوكة الوليد بن طريف يسيرة، وهو يواعده وينتظر ما يكون من أمره، فوجه إليه الرشيد كتاب غضب، وقال فيه: لو وجهت أحد الخدم-أو أصغر الخدم-لقام بأكثر مما تقوم به، ولكنك مداهن متعصب، وأمير المؤمنين يقسم بالله؛ لئن أخرت مناجزته .. ليبعثن إليك من يحمل رأسك إلى أمير المؤمنين، فناجزه يزيد والتقى الجيشان في رمضان سنة تسع وسبعين ومائة، فانهزم الوليد وظهر يزيد عليه.
ويقال: لما انكسر الوليد بن طريف .. تبعه يزيد بنفسه حتى لحقه على مسافة بعيدة، فقتله وأخذ رأسه، وبعث به إلى الرشيد.
ولما علمت الفارعة بنت طريف بقتل أخيها لبست عدة الحرب، وحملت على جيش يزيد، فقال يزيد: دعوها، ثم خرج فضرب بالرمح فرسها، وقال: اغربي، غرب الله عينك، فقد فضحت العشيرة، فاستحيت وانصرفت.
(١) «تاريخ الطبري» (٨/ ٢٦١)، و «المنتظم» (٥/ ٤٢٣)، و «وفيات الأعيان» (٦/ ٣١)، و «سير أعلام النبلاء» (٨/ ٢٣٢)، و «تاريخ الإسلام» (١١/ ٣٩٥)، و «العبر» (١/ ٢٧٢)، و «مرآة الجنان» (١/ ٣٧٠)، و «شذرات الذهب» (٢/ ٣٤٩).