للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان الفتح بن خاقان قد علم بما تمالأ عليه المنتصر وجماعته من قتل المتوكل من سعاية بعض نساء الأتراك بهم، فكتم المتوكل الخبر؛ لئلا يفسد عليه سروره، وليمضي الله فيه مقدوره، ولم يظنهم يقدمون على ذلك، فلما قتل المتوكل .. أمر المنتصر بغلق الأبواب كلها، وأمر وصيفا بإحضار المعتز والمؤيد، وكان المتوكل جعلهما وليي عهده بعد المنتصر، فأرسل إليهما عن المتوكل فأحضرا، وكان الوزير عبيد الله بن يحيى بن خاقان لما سمع الواقعة .. اجتمع عنده من الجيش نحو عشرة آلاف وقالوا: مرنا بأمرك حتى نميل إلى الأتراك والمنتصر، فقال: لا حيلة في ذلك والرجل في أيديهم-يعني المعتز-فسلموا الأمر للمنتصر وبايعوه.

١٢٢٦ - [الخليفة المنتصر بالله] (١)

الخليفة المنتصر بالله أبو جعفر محمد بن المتوكل على الله بن المعتصم بالله بن هارون الرشيد العباسي.

بويع له بالجعفرية في الليلة التي قتل فيها أبوه، ثم انتقل إلى الجوسق بسرّمن رأى، وتوفي في ربيع الآخر من سنة ثمان وأربعين ومائتين، قيل: أصابته الذبحة، وقيل: إن أمراء الأتراك خافوه، فلما حمّ .. دسوا إلى طبيبه ابن طيفور ثلاثين ألف دينار، ففصده بريشة مسمومة، وقيل: سم في كمثرى، وقيل: إن طبيبه لما فصده .. دهش فلم يميز مبضعه المسموم من غيره، وقيل: بل وجد علة في رأسه، فقطر طبيبه ابن طيفور في أذنه دهنا، فورم رأسه، فعولج فمات.

يقال: إنه رأى أباه في النوم يقول له: يا محمد؛ قتلتني وظلمتني، والله؛ لا تمتعت بالخلافة إلا أياما قلائل، ثم مصيرك إلى النار، فانتبه وهو لا يملك عينيه ولا جزعه، وما زال منكسرا إلى أن توفي في سنة ثمان وأربعين ومائتين.

ويحكى أنه قال لأمه: يا أماه؛ ذهبت عني الدنيا والآخرة، عاجلت أبي فعوجلت، فمدة ولايته ستة أشهر، وعمره خمس وعشرون سنة ونصف.


(١) «تاريخ الطبري» (٩/ ٢٥١)، و «المنتظم» (٧/ ٢٦)، و «الكامل في التاريخ» (٦/ ١٨٦)، و «سير أعلام النبلاء» (١٢/ ٤٢)، و «تاريخ الإسلام» (١٨/ ٤١٦)، و «مرآة الجنان» (٢/ ١٥٤)، و «البداية والنهاية» (١٠/ ٨٠٦)، و «تاريخ الخلفاء» (ص ٤٢٠)، و «النجوم الزاهرة» (٢/ ٣٢٧)، و «شذرات الذهب» (٣/ ٢٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>