يدعى الساعة بي، فأطلب بعيسى بن زيد ابن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فإن دللت عليه .. لقيت الله بدمه، وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلم خصمي فيه، وإلا .. قتلت، فأنا أولى بالحيرة منك، وأنت ترى صبري، فقلت: يكفيك الله، وخجلت منه، فقال:
لا أجمع عليك التوبيخ والمنع، اسمع البيتين، ثم أعادهما عليّ مرارا حتى حفظتهما، ثم دعي بي وبه فقلت: من أنت أعزك الله؟ قال: أنا حاضر صاحب عيسى بن زيد، فلما وقفنا بين يدي المهدي .. قال للرجل: أين عيسى بن زيد؟ فقال: وما يدريني أين عيسى، تطلّبته فهرب منك في البلاد وحبستني، فمن أين أقف على خبره؟ ! قال: أين كان متواريا؟ ومتى كان آخر عهدك به؟ وعند من لقيته؟ قال: ما لقيته منذ توارى، ولا عرفت له خبرا، قال: والله لتدلن عليه، أو لأضربن عنقك الساعة، قال: اصنع ما بدا لك، فو الله؛ لا أدلك على ابن رسول الله صلّى الله عليه وسلم فألقى الله ورسوله بدمه، ولو كان بين ثوبي وجلدي .. ما كشفت لك عنه، فأمر به فضربت عنقه، ثم قال: أتقول الشعر، أو ألحقك به؟ قلت: بل أقول، قال: أطلقوه، فأطلقت.
ولما حضرته الوفاة .. قال: أشتهي أن يجيء فلان المغني فيغني عند رأسي: [من الكامل]
إذا ما انقضت عني من الدهر مدتي ... فإن عزاء الباكيات قليل
سيعرض عن ذكري وتنسى مودتي ... ويحدث بعدي للخليل خليل
وتوفي سنة إحدى عشرة ومائتين.
١٠٣٦ - [أبو عاصم النبيل](١)
الضحاك بن مخلد بن الضحاك بن مسلم الشيباني مولاهم، أبو عاصم النبيل.
سمع ابن جريج، والأوزاعي، ومالك، والثوري، وشعبة وغيرهم.
وروى عنه علي بن المديني، والبخاري وغيرهما من الأئمة، وكان حافظ البصرة ومحدثها.
ولد سنة اثنتين وعشرين ومائة، وتوفي سنة اثنتي عشرة ومائتين عن تسعين وأربعة أشهر.
(١) «طبقات ابن سعد» (٩/ ٢٩٦)، و «تهذيب الكمال» (١٣/ ٢٨١)، و «سير أعلام النبلاء» (٩/ ٤٨٠)، و «تاريخ الإسلام» (١٥/ ١٩١)، و «تهذيب التهذيب» (٢/ ٢٢٥)، و «بغية الوعاة» (٢/ ١٢)، و «شذرات الذهب» (٣/ ٥٨).