للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأنسوا، وأقاموا عنده أياما طويلة ميلا إلى الجنسية، وكونه يومئذ رأس الفقهاء، فحصل بين فقهاء ذي أشرق وفقهاء تهامة منافرة سببها المذاكرة في المعتقد، ومناظرات أدت إلى تكفير بعضهم البعض، والمنافرة بينهم، وكان الشيخ رحمه الله لا يعجبه ذلك، ولا يكاد يخوض بعلم الكلام، ولا يرضى لأحد من أصحابه ذلك، وظهر من طاهر ولده الميل والتظاهر بخلاف المعتقد الذي عليه والده وغالب فقهاء العصر من أهل الجند خاصة، فشق ذلك على الشيخ، وهجر ولده هجرا شاقا، وكان ذلك سنة أربع وخمسين وخمس مائة، ثم إن طاهرا لم يطق على هجر أبيه ولا هجر الفقهاء بذي أشرق، وكان سبب ذلك ما تحققوه فيه، وعلم أن لا زوال لذلك إلا إظهار التوبة والتبري مما كان أظهره، فلم يزل يتلطف على والده بذلك بإرسال من يقبل الشيخ منه، فقال للرسول: لا أقبل منه حتى يطلع المنبر بمحضر الفقهاء، ويعرض عليهم عقيدته، ويتبرأ مما سواها، فأجاب إلى ذلك، وحضر في يوم الجمعة الجامع، وصعد المنبر، وكان فصيحا مصقعا، فخطب، وذكر عقيدته التي الفقهاء متفقون عليها، وتبرأ مما سواها، فحين فرغ من ذلك .. التفت الشيخ إلى الفقهاء وهم حوله وقال: هل أنكر الإخوان من كلامه شيئا؟ قالوا: لا، وفي عقيب ذلك صنف كتاب «الانتصار»، وسبب تصنيفه ما حدث بين الفقهاء، ثم ظهور القاضي جعفر المعتزلي، ووصوله إبّ، واجتماعه بسيف السنة وقطعه له، وكان يود نزول اليمن، فقيل له: إن نزلت .. لقيت البحر الذي تغرق فيه: يحيى بن أبي الخير، فعاد القهقرى، وطلع إلى حصن شواحط، فأمر الشيخ يحيى إليه تلميذه الفقيه علي بن عبد الله الهرمي، فلحقه فيه، فناظره، وقطعه في عدة مسائل) اهـ‍ (١)

توفي الشيخ يحيى بن أبي الخير في سنة ثمان وخمسين وخمس مائة.

٢٤٥٧ - [ابن خمرطاش] (٢)

أحمد بن خمرطاش الحميري أبو العباس السراجي.

كان فقيها جليلا، نبيلا نبيها، أوحد بلغاء عصره، وسيد فصحاء دهره، صاحب الأبيات المشهورة بأبيات الفرج التي أولها: [من الرجز]

إني لأرجو عطفة الله ولا ... أقول إن قيل متى ذاك متى


(١) «السلوك» (١/ ٢٩٧).
(٢) «طراز أعلام الزمن» (١/ ٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>