للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغيرهن، فلم يرفعن شيئا من الدر، فقال المأمون: أكرمنها بلقط شيء، ففعلن، ثم إن المأمون أمر من يجمع الدر فجمع، ووضعه في حجرها وقال: هذه نحلتك، وسلي حاجتك، فقالت لها خدمها: كلمي سيدك، فقد أمرك، فسألته الرضى عن إبراهيم بن المهدي، فقال: قد فعلت.

وأوقد في تلك الليلة شمعة عنبر وزنها أربعون منا في تور من الذهب، فأنكر المأمون عليهم ذلك وقال: هذا سرف.

وحكى أبو الحسن الجرجاني في كتاب «الكنايات» أن المأمون طلب الدخول عليها، فاعتذرت، فلم يعذرها، فلما زفت إليه ومد يده إليها .. قالت: أتى أمر الله فلا تستعجلوا، فعلم أنها حائض فتركها، فلما قعد للناس من الغد .. دخل عليه أحمد بن يوسف الكاتب وقال: يا أمير المؤمنين؛ هنأك الله بما أخذت من الأمير باليمن والبركة، وشدة الحركة، والظفر بالمعركة، فأنشد المأمون: [من المديد]

فارس ماض بحربته ... حاذق بالطعن في الظلم

رام أن يدمي فريسته ... فاتقته من دم بدم

فعرّض بحيضها، وهو من أحسن الكنايات (١).

***

[السنة الحادية عشرة بعد المائتين]

فيها: توفي الحافظ العلامة عبد الرزاق بن همام الصنعاني الحميري، والإمام عبد الله بن صالح العجلي الكوفي المقرئ المحدث، والد الحافظ أحمد بن عبد الله العجلي نزيل المغرب، وأبو الجوّاب، وطلق بن غنام، وأبو يعلى بن منصور، والشاعر المشهور أبو العتاهية-واسمه: إسماعيل بن القاسم العنزي-وحميد بن عبد الحميد الطوسي.

وفيها: أمر المأمون فنودي: برئت الذمة ممن ذكر معاوية بخير، أو فضله على أحد من الصحابة (٢)، وهذا سيأتي ذكره قريبا في أول السنة الثانية عشرة.

***


(١) «تاريخ الطبري» (٨/ ٦٠٦)، و «المنتظم» (٦/ ٢٠٣)، و «الكامل في التاريخ» (٥/ ٥٤٥)، و «مرآة الجنان» (٢/ ٤٧).
(٢) «تاريخ الطبري» (٨/ ٦١٨)، و «المنتظم» (٦/ ٢١٨)، و «الكامل في التاريخ» (٥/ ٥٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>