للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[السنة الثامنة والخمسون]

في ثاني صفر منها: نزل ملك التتار على حلب، فلم يصبح عليهم الصباح إلا وقد حفروا خندقا عمق قامة وعرض أربعة أذرع، وبنوا حائطا ارتفاع خمسة أذرع، فنصبوا عشرين منجنيقا، وألحوا بالرمي، وشرعوا في نقب السور (١).

وفي تاسع صفر: ركبوا الأسوار، ووضعوا السيف يومهم ومن الغد، فقتل أمم، واستتر خلق، وبقي القتل والسبي خمسة أيام، ثم نودي برفع السيف، وأذن المؤذن يوم الجمعة، وأقيمت الجمعة بأناس، ثم أحاطوا بالقلعة فحاصروها، ووصل الخبر يوم السبت إلى دمشق، فهرب الناصر، ثم حملت مفاتيح حماة إلى الطاغية المذكور، واسمه:

هولاكو، وحاصرت التتار دمشق، ورموا برج الطارمة بعشرين منجنيقا فتشقق، وطلب أهلها الأمان فأمنوهم، وسكنها النائب كتبغا، وتسلموا بعلبك وقلعتها، وأخذوا نابلس ونواحيها بالسيف، ثم ظفروا بالملك، وأخذوه بالأمان، وساروا إلى ملكهم، فرعى له صحبته، وبقي في خدمته أشهرا، ثم قطع الفرات راجعا، وترك في الشام فرقة من التتار، وتأهب المصريون، وشرعوا في المسير، وثارت النصارى بدمشق، ورفعت رءوسها، ورفعوا الصليب، ومروا به، وألزموا الناس القيام له من حوانيتهم، ووصل جيش الإسلام عليهم الملك المظفر، والتقى الجمعان على عين جالوت غربي بيسان، فنصر الله دينه على سائر الأديان، والحمد لله اللطيف المنان، وقتل في المصاف مقدم التتار كتبغا وطائفة من أمراء المغول، ووقع بدمشق النهب والقتل في النصارى، وأحرقت كنيسة مريم، وذلك في أواخر رمضان، وعيّد المسلمون على خير عظيم، فلما رجع الملك المظفر بعد شهر إلى مصر .. أضمر شرا لبعض أهل الدولة، وآل الأمر إلى أن رماه بهادر المعزي فقتله بقرب قطية، وتسلطن ركن الدين الملك الظاهر، وكان الظاهر قد ساق وراء التتار إلى حلب، وطمع في أخذ حلب، وكان قد وعده بها المظفر، فلما رجع .. أضمر له الشر، وحلف الأمراء بدمشق للنائب بها علم الدين الحلبي، ولقب بالملك المجاهد، وخطب له بدمشق مع الملك الظاهر (٢).


(١) «تاريخ الإسلام» (٤٨/ ٤٩)، و «العبر» (٥/ ٢٤١)، و «مرآة الجنان» (٤/ ١٤٨)، و «شذرات الذهب» (٧/ ٥٠٢).
(٢) «تاريخ الإسلام» (٤٨/ ٤٩)، و «العبر» (٥/ ٢٤١)، و «مرآة الجنان» (٤/ ١٤٢)، و «البداية والنهاية» (١٣/ ٢٥٦)، و «شذرات الذهب» (٧/ ٥٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>