للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان جيد السياسة والتدبير، حسن البيان، سليط اللسان، شديد البخل؛ مات وفي بيت المال ست مائة ألف ألف وستون ألف دينار، وقيل: درهم.

وكان يسمع الوعظ من أهل الفضل والدين، وهو الذي بنى بغداد وأسسها، ومكث قبل بنائها سنة يتردد ليرتاد موضعا يبنيه، فبينا هو كذلك؛ إذ براهب أشرف من بنيان مقيم فيه، فقال له: أراك منذ شهور تدور وتكثر الترداد في هذا الموضع، قال: أريد أن أبني فيه مدينة، فقال له الراهب: لست صاحبها، إنا نجد أن صاحبها يقال له: مقلاص، فقال له أبو جعفر: أنا والله؛ صاحبها، كنت أدعى وأنا صبي في الكتّاب بمقلاص، وأمر حينئذ ببنائها، وكتب إلى البلدان: أن يوجه إليه بما يحتاجه، ويتوقف على عمارتها، ثم قال لنبوخت المنجم: اختر لي وقتا أضع فيه الأساس والبناء، فاختار له، فوضع الأساس في ذلك الوقت الذي عينه له، ويقال: إن أول لبنة من الأساس وضعها المنصور بيده وقال:

باسم الله والحمد لله، إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده، والعاقبة للمتقين.

فلما وضع الأساس .. قال لنبوخت المنجم: احكم الآن، فقال: يتم بناؤها وتكون مدينة ليس في شرق ولا غرب لها نظير، وتعمر عمرانا لم ير مثله، قال أبو جعفر: ثم ماذا؟ قال: ثم تخرب بعد موتك خرابا ليس بصحراء، ولكن دون العمران.

ووزنت لبنة سقطت من السور؛ فكان وزنها اثنين وثمانين رطلا، ولما تم بناؤها وأراد النقلة إلى قصره بباب الذهب .. وقف على باب القصر يتأمله؛ فإذا على الحائط: [من الخفيف]

أدخل القصر لا تخاف زوالا ... بعد ستين من سنيك رحيل

فوقف مليا وتغر غرت عيناه وقال: بقية لغافل، وفسحة لجاهل كأنه حسب ما بقي من عمره من السنين.

ومات محرما بالحج ببئر ميمون بالقرب من مكة، ودفن مكشوف الرأس، وذلك سنة ثمان وخمسين ومائة.

٧٧٢ - [حيوة بن شريح] (١)

حيوة بن شريح-بمعجمة أوله ومهملة آخره-الحضرمي الكندي أبو زرعة التجيبي المصري.


(١) «طبقات ابن سعد» (٩/ ٥٢٢)، و «الجرح والتعديل» (٣/ ٣٠٦)، و «تهذيب الكمال» (٧/ ٤٨٢)، و «سير أعلام النبلاء» (٦/ ٤٠٤)، و «تاريخ الإسلام» (٩/ ٣٨٦)، و «تهذيب التهذيب» (١/ ٥٠٨)، و «شذرات الذهب» (٢/ ٢٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>