للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: ما تعلمت الحلم إلا من قيس بن عاصم المنقري، قيل له: وما بلغ من حلمه؟ قال: قتل ابن أخ له بعض بنيه، فأتي بالقاتل مكتوفا يقاد إليه، فقال: دعوا الفتى، ثم قال: يا بنيّ؛ بئس ما صنعت، نقصت عددك، ووهنت عضدك، وأشمت عدوّك، وقال لقومه: خلوا سبيله، واحملوا إلى أم المقتول ديته؛ فإنها غريبة، فانصرف القاتل وما حل قيس حبوته، ولا تغير وجهه، وقيس هذا هو الذي قال فيه عبدة بن الطّبيب يرثيه: [من الطويل]

وما كان قيس هلكه هلك واحد ... ولكنّه بنيان قوم تهدما

في قصيدة طويلة.

وكان الأحنف من سادات التابعين، واتفقوا على جلالته، أدرك عهد النبي صلّى الله عليه وسلم ولم يصحبه، وكان أشرف قومه، يغضب لغضبه مائة ألف من بني تميم لا يدرون فيم غضب، وكان موصوفا بالعقل والدهاء والحلم، سئل عن الحلم ما هو؟ فقال: الذل مع الصبر.

وكان إذا عجب الناس من حلمه يقول: إني لأجد ما تجدون، ولكني صبور.

ولما نصب معاوية ولده يزيد في ولاية العهد .. جعل الناس يسلمون عليه ويثنون على يزيد والأحنف ساكت، فقال له معاوية: ما لك لا تقول يا أبا بحر؟ فقال: أخاف الله إن كذبت، وأخافكم إن صدقت، فقال: جزاك الله خيرا عن الطاعة، وأمر له بألوف.

وتوفي سنة اثنتين وسبعين كما قاله الذهبي (١)، أو سنة سبع وستين كما رجحه ابن خلكان (٢).

٣٨٩ - [عبيدة السلماني] (٣)

عبيدة-بفتح العين-ابن قيس بن عمرو المرادي الهمداني-بسكون الميم-السلماني- بسكون اللام-وبنو سلمان بطن من مراد، يكنى: أبا مسلم، أو أبا عمرو.


(١) انظر «العبر» (١/ ٨٠).
(٢) انظر «وفيات الأعيان» (٢/ ٥٠٤).
(٣) «طبقات ابن سعد» (٨/ ٢١٣)، و «معرفة الصحابة» (٤/ ١٩١٦)، و «الاستيعاب» (ص ٤٦٦)، و «أسد الغابة» (٣/ ٥٥٢)، و «تهذيب الأسماء واللغات» (١/ ٣١٧)، و «سير أعلام النبلاء» (٤/ ٤٠)، و «تاريخ الإسلام» (٥/ ٤٨٢)، و «مرآة الجنان» (١/ ١٤٨)، و «الإصابة» (٣/ ١٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>