للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٧٠٦ - [أبو أحمد العسكري] (١)

أبو أحمد الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري، أحد الأئمة في الآداب والحفظ، وهو صاحب أخبار ونوادر واتساع في الرواية، وله تصانيف مفيدة.

وكان الصاحب ابن عباد يود الاجتماع به ولا يجد إليه سبيلا، فقال لمخدومه مؤيد الدولة:

إن البلد الفلاني قد اختل حاله واحتاج إلى كشف، فأذن لي في ذلك، فأذن له، فلما أن وصل .. توقع أن يزوره أبو أحمد المذكور فلم يزره، فكتب الصاحب إليه: [من الطويل]

ولما أبيتم أن تزوروا وقلتم ... ضعفنا فلم نقدر على الوخدان (٢)

أتيناكم من بعد أرض نزوركم ... وكم منزل بكر لنا وعوان

وكتب مع ذلك شيئا من النثر، فأجابه أبو أحمد بنثر وبهذا البيت: [من الطويل]

أهمّ بأمر الحزم لو أستطيعه ... وقد حيل بين العير والنزوان

فعجب الصاحب من اتفاق هذا البيت وقال: لو عرفت أنه يقع له هذا البيت .. لغيرت الرّوي.

توفي العسكري في سنة اثنتين وثمانين وثلاث مائة.

والبيت المذكور لصخر بن عمرو بن الشريد أخي الخنساء مع أبيات أخرى، وذلك أنه خرج في بعض حروبه، وبقي مدة حول في أشد ما يكون من المرض، وأمه وزوجته سليمى يمرّضانه، فعجزت زوجته منه، فمرت بها امرأة فسألتها عن حاله، فقالت: لا هو حي فيرجى، ولا ميت فينسى، فسمعها صخر، فأنشد: [من الطويل]

أرى أم صخر لا تمل عيادتي ... وملت سليمى مضجعي ومكاني

وما كنت أخشى أن أكون جنازة ... عليك ومن يغتر بالحدثان

لعمري لقد نبّهت من كان نائما ... وأسمعت من كانت له أذنان

وأيّ امرئ ساوى بأمّ حليلة ... فلا عاش إلا في شقى وهوان


(١) «معجم الأدباء» (٣/ ٢٨٨)، و «وفيات الأعيان» (٢/ ٨٣)، و «سير أعلام النبلاء» (١٦/ ٤١٣)، و «تاريخ الإسلام» (٢٧/ ٤٩)، و «مرآة الجنان» (٢/ ٤١٥)، و «البداية والنهاية» (١١/ ٣٧٧).
(٢) الوخدان: السرعة في الخطو أو السير.

<<  <  ج: ص:  >  >>