عمه لما سبق منه، فاستشفع إليه بأخيه الشيخ أحمد بن عامر، وحمل إليه القرآن العظيم ليفسح له في الخروج والذهاب حيث شاء، ففعل بعد امتناع شديد حياء من أخيه الشيخ أحمد بن عامر ومراعاة له، فخرج يوم الأربعاء ثاني يوم من دخول المنصور زبيد، وخرج صحبة الحاج محمد صاحب الذراع والشيخ محرم العنسي، فكاد أن يفتك بهما لشدة غيظه، فوصل إلى البقعة وقد أعدت له هناك سفينة، فركبها يوم الخميس رابع عشر الشهر المذكور، فبلغ إلى قرب مكة المكان الذي كان فيه الشريف محمد بن بركات صاحب الحجاز نازلا به، فواجه الشريف ثمّ، فأكرم منزله، وأقام عنده مدة، ثم رجع إلى اليمن، وكان عند خروجه من زبيد قد أودع مالا عند جماعة من أهل زبيد، كالقاضي علي بن أحمد الناشري، والجمال القميري، وأشياء كثيرة ببيت الشيخ الغزالي، وأشياء عند الشيخ أحمد الشنيني صاحب القرشية، فطالبهم المنصور بما عندهم، فكلّ سلّم ما عنده إلا القاضي الناشري فإنه أنكر ذلك، فطلب منه يمينه فحلف؛ إذ يجوز للوديع أن يحلف على نفي الوديعة إذا خاف عليها ممن يأخذها، فكان ذلك سبب سقوطه عند المنصور، فعزله عن القضاء بالقاضي تقي الدين عمر بن عبد المجيد الناشري، ولم تطل مدة القاضي عمر المذكور، فتوفي رابع وعشرين شعبان من السنة المذكورة، واستمر عوضه القاضي جمال الدين محمد بن عبد السلام الناشري قاضيا بزبيد (١).
***
[السنة الرابعة والثمانون]
في المحرم منها: توفي الفقيه العالم إسماعيل ابن مبارز.
وفيها: رجع الشيخ يوسف بن عامر من الحجاز إلى اليمن، ودخل بلاد بني حفيص، فأكرمه الشيخ أحمد بن أبي الغيث، وأكرم نزله، وزوجه بنتا له، ولبث عندهم إلى أن نزل المنصور عبد الوهاب بن داود وصحبه الشيخ أحمد بن عامر إلى زبيد في شوال من السنة المذكورة، وخرجا مسرعين من زبيد إلى بلد بني حفيص، وحاول المنصور صلحهم فلم يجيبوه إلى ذلك، فقاتلهم يوم الخميس مستهل القعدة، فقتل الشيخ أحمد بن عامر، ثم لما علم الشيخ يوسف بن عامر بقتل أخيه .. كر هو وجند المنصور على بني حفيص، فكانت