للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أسلمت قديما، وهاجرت في سنة خمس من الهجرة، وتزوجها زيد بن حارثة، ثم طلقها، ثم زوجها الله سبحانه وتعالى رسوله صلّى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: {فَلَمّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها، } فكانت تفتخر على نسائه بذلك.

وكانت امرأة صالحة صوّامة قوّامة كثيرة الصدقة، وكانت صناعا؛ تعمل بيدها وتتصدق به، وقال صلّى الله عليه وسلم لأزواجه: «أسرعكن لحوقا بي أطولكن يدا» (١)، قالت عائشة رضي الله عنها: فكنا إذا اجتمعنا في بيت إحدانا بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلم ..

نمد أيدينا في الجدار نتطاول، فلم نزل نفعل ذلك حتى توفيت زينب بنت جحش، وكانت امرأة قصيرة رضي الله عنها، ولم تكن أطولنا، فعرفنا حينئذ أن النبي صلّى الله عليه وسلم أراد بطول اليد الصدقة (٢).

توفيت سنة عشرين، وهي أول من مات من أزواجه صلّى الله عليه وسلم، ودفنت بالمدينة، وهي أول امرأة جعل عليها النعش، أشارت به أسماء بنت عميس، كانت رأته في الحبشة، كذا في «تهذيب النووي» (٣)، وقد قيل: أول من جعل عليها النعش فاطمة، رضي الله عنها.

٢١٨ - [أبو الهيثم بن التّيّهان] (٤)

أبو الهيثم بن التّيّهان، واسمه: مالك بن التيهان بن مالك.


(١) أخرجه مسلم (٢٤٥٢)، وابن حبان (٣٣١٤)، من طريق طلحة بن يحيى، وأخرجه البخاري (١٤٢٠)، ومسلم (٢٤٥٢)، وابن حبان (٣٣١٥)، وأحمد (٦/ ١٢١) من طريق أبي عوانة، وانظر الحديث بعده.
(٢) أخرجه مسلم (٢٤٥٢)، والحاكم (٤/ ٢٥)، والبيهقي في «الدلائل» (٦/ ٣٧٤) ووقع عند البخاري (١٤٢٠)، وابن حبان (٣٣١٥)، وأحمد (٦/ ١٢١)، والبيهقي في «الدلائل» (٦/ ٣٧١) من طريق أبي عوانة: أن سودة بنت زمعة هي المرادة بقول النبي صلّى الله عليه وسلم، قال الحافظ في «الإصابة» (٣/ ٢٨٦): (وقرأت بخط الصدفي: ظاهر هذا اللفظ أن سودة كانت أسرع، وهو خلاف المعروف عند أهل العلم: أن زينب أول من مات من الأزواج، ... وقال ابن الجوزي: هذا الحديث غلط من بعض الرواة، والعجب من البخاري كيف لم ينبه عليه، ولا أصحاب التعاليق، ولا علم بفساد ذلك الخطابي؛ فإنه فسره وقال: لحوق سودة به من أعلام النبوة، وكل ذلك وهم، وإنما هي زينب؛ فإنها كانت أطولهن يدا بالعطاء، كما رواه مسلم)، ثم قال الحافظ-بعد أن ساق روايات تفيد وتؤيد حديث مسلم بأن زينب هي أطولهن يدا وأولهن لحوقا به صلّى الله عليه وسلم-: (فهذه روايات يعضد بعضها بعضا، ويحصل من مجموعها أن في رواية أبي عوانة وهما).ويؤيده: أن في حديث البيهقي في «الدلائل» (٦/ ٣٧١): (فأخذنا قصبة نذرعها، وكانت سودة بنت زمعة أطولنا ذراعا)، وفي «البخاري»: (فعلمنا بعد)، فأخبرت أولا عن الحقيقة، ثم علمت بعد موت زينب أن المراد بالطول إنما هو المجاز لا الحقيقة، وهو التصدق، كما في حديث مسلم.
(٣) انظر «تهذيب الأسماء واللغات» (٢/ ٣٤٦).
(٤) «النسب» لابن سلام (ص ٢٧٤)، و «طبقات ابن سعد» (٣/ ٤٤٧)، و «طبقات خليفة» (ص ١٤١)، و «المعارف» -

<<  <  ج: ص:  >  >>