للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رضي الله عنهما .. قال له أبو بكر: أمير أو مأمور؟ قال: بل مأمور، ثم مضيا (١).

وقيل: إن أبا بكر لما لحقه علي رضي الله عنه .. رجع فقال: يا رسول الله بأبي أنت وأمي؛ هل نزل في شأني شيء؟ قال: «لا، ولكن لا ينبغي لأحد أن يبلّغ هذا إلا رجل من أهلي، أما ترضى أنك كنت معي في الغار، وأنك صاحبي على الحوض؟ » قال:

بلى، فكان أبو بكر أمير الناس، وعلي يؤذن ب‍ (براءة)، ويؤذن المؤذنون بها عن أمره (٢).

وفي «صحيح البخاري»: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (بعثني أبو بكر في مؤذنين بعثهم يوم النحر يؤذنون بمنى: ألاّ يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان) (٣).

وروي عنه خارج «الصحيح» قال: (أمرني علي أن أطوف في المنازل من منى ببراءة، وكنت أصيح حتى صحل حلقي، فقيل: بم كنت تنادي؟ فقال: بأربع: لا يدخل الجنة إلا مؤمن، ولا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، ومن كان له عهد .. فله أجل أربعة أشهر) (٤).

***

[السنة العاشرة]

: في رمضان منها: أسلم سيد بجيلة أبو عبد الله البجلي الأحمسي، فبعثه رسول الله صلّى الله عليه وسلم في خمسين ومائة فارس من أحمس إلى ذي الخلصة؛ بيت لخثعم، كان يدعى كعبة اليمانية، وكان لا يثبت على الخيل، فضرب صلّى الله عليه وسلم في صدره وقال: «اللهم؛ ثبّته واجعله هاديا مهديا»، فانطلق إلى ذي الخلصة فحرّقها بالنار، وبعث أبا أرطاة يبشر رسول الله صلّى الله عليه وسلم بذلك (٥).


(١) انظر «سيرة ابن هشام» (٤/ ٥٤٣).
(٢) أخرجه الطبري في «تاريخه» (٣/ ١٢٢)، وقوله صلّى الله عليه وسلم: «لا ينبغي لأحد أن يبلغ هذا إلا رجل من أهلي» أصله عند أحمد (٣/ ٢١٢)، والترمذي (٣٠٩٠)، وغيرهما، قال الحافظ ابن كثير في «البداية» (٥/ ٤٢): (وهذا ضعيف الإسناد، ومتنه فيه نكارة)، وقد استنكره غير واحد من الحفاظ، كالجوزقاني في «الأباطيل» (١٢٤)، وابن تيمية، والخطابي كما نقله عنه ابن تيمية في «منهاج السنة» (٥/ ٦٣).
(٣) «صحيح البخاري» (٣٦٩).
(٤) أخرجه ابن حبان (٣٨٢٠)، والحاكم (٢/ ٣٣١)، والنسائي (٥/ ٢٣٤)، وأحمد (٢/ ٢٩٩)، وفيه: (حتى صحل صوتي) أي: بحّ، والصّحل: هو خشونة في الصدر وانشقاق في الصوت من غير أن يستقيم.
(٥) أخرجه البخاري (٣٠٢٠)، ومسلم (٢٤٧٦)، وكعبة اليمانية؛ أي: كعبة الجهة اليمانية، ويقال لها أيضا: الكعبة الشامية، باعتبار أنهم جعلوا بابها جهة الشام، وهي بيت فيه صنم يقال له: الخلصة، والخلصة في الأصل: نبات له حب أحمر كخرز العقيق، وهي بفتح الخاء واللام، وقيل: بضم اللام، وقيل: بإسكانها، وأبو أرطاة: هو حصين بن ربيعة الأحمسي.

<<  <  ج: ص:  >  >>