للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كأنما بسطت كفا لخالقها ... تدعو بطول بقاء لابن باديس

توفي سنة أربع وخمسين وأربع مائة.

١٩٢٩ - [السلطان طغرلبك] (١)

السلطان طغرلبك محمد بن ميكائيل بن سلجوق-بفتح السين المهملة، وسكون اللام، وضم الجيم، وبالقاف-أول ملوك السلجوقية.

كانوا يسكنون قبل استيلائهم على الممالك في ما وراء النهر قريبا من بخارى، وكانوا عددا غير محصور، لا يدخلون تحت طاعة سلطان، فإذا قصدهم جمع لا يقوون عليه ..

دخلوا المفاوز، وتحصنوا بالرمال، وجرت لهم مع ولاة خراسان أمور يطول شرحها، وحاصل الأمر أنهم استظهروا على الولاة، وظفروا بهم، وملكوا البلاد، وكان ابتداء ملكهم في سنة تسع وعشرين وأربع مائة، وكان السلطان محمد المذكور كبيرهم، وإليه الأمر والنهي في السلطنة، وأخذ أخوه داود مدينة بلخ، واتسع لهم الملك، واقتسموا البلاد، وانحاز السلطان مسعود بن محمود بن سبكتكين إلى غزنة ونواحيها، وكانوا يخطبون له في أول الأمر، فعظم شأنهم إلى أن راسلهم القائم بأمر الله، وكان الرسول بينه وبينهم القاضي أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي، مصنف «الحاوي الكبير».

وكان السلطان محمد المذكور حليما، محافظا على الصلوات الخمس في أوقاتها جماعة، ويصوم الاثنين والخميس، ويكثر الصدقات، ويبني المساجد ويقول: أستحيي من الله تعالى أن أبني دارا ولا أبني إلى جانبها مسجدا.

ولما تمهدت له البلاد، وملك العراق وبغداد .. خطب السيدة ابنة الخليفة القائم، فاستعفى الخليفة من ذلك، وترددت الرسل بينهما حتى كاد يؤول الأمر إلى الوحشة بينهما، ثم لم يجد الخليفة بدا من إجابته، فزوجه بها على ما ذكرناه في حوادث السنين (٢).

ذكر السمعاني عن السلطان محمد المذكور أنه قال: رأيت وأنا بخراسان في المنام كأني رفعت إلى السماء وأنا في ضباب لا أبصر معه شيئا، غير أني أشم رائحة طيبة، فنوديت:


(١) «المنتظم» (٩/ ٤٥١)، و «الكامل في التاريخ» (٨/ ١٨٣)، و «وفيات الأعيان» (٥/ ٦٣)، و «سير أعلام النبلاء» (١٨/ ١٠٧)، و «تاريخ الإسلام» (٣٠/ ٣٧٨)، و «مرآة الجنان» (٣/ ٧٦)، و «البداية والنهاية» (١٢/ ٥٤٩).
(٢) الصواب: على ما سنذكره في حوادث السنين، انظر (٣/ ٤٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>