للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم أقف على تاريخ وفاته، إلا أنه كان موجودا في أواخر هذه المائة يقينا، والله سبحانه أعلم.

٣٤٦٤ - [فضل بن محمد] (١)

فضل بن الإمام العالم العلامة الورع الزاهد محمد بن أحمد بن أبي فضل.

قال الخطيب: (كان من العلماء العاملين، والفقهاء المدققين، والزهاد الورعين المجتهدين، ونبلاء الصفوة المقربين، وكان جوادا سخيا، يتدين وينفقه في سبيل الله وعلى الضيفان والفقراء، حتى إن كثيرا من الأوقات يطلع الفجر وأهله يخبزون للضيفان، إذا صدروا .. ورد غيرهم، ومات وعليه دين كثير، منه لشخص واحد من آل أبي الفيل ألف قهاول، فلما توفي .. أبرأه غرماؤه عن جميع ما لهم عليه، فرأى بعض الأخيار أبا الفيل المذكور بعد موته فقال له: ما فعل الله بك؟ فقال: نفعني الفقيه فضل؛ يعني حماه عما يخاف.

وكان لا يقبل من أحد شيئا، فلما حج هو وأخوه سعد .. احتال بعض أهل اليمن، فأعطى أخاه سعدا مالا وقال له: لا تخبر أخاك بهذا المال حتى تصلا إلى حضرموت، لعل إذا بعدت المسافة .. قبله أخوك، فلما رجعا إلى حضرموت بعد الحج .. أحضر أخوه سعد المال إلى فضل، وأخبره بالقصة (٢)، فأبى الفقيه فضل أن يقبله، وألزم أخاه سعدا أن يرد المال إلى من أخذه منه، فرجع سعد من حضرموت إلى اليمن بذلك المال، ورده على صاحبه.

ومن دقيق ورعه أن شخصا ساومه في نيل ليشتريه منه، ففصلا ثمنه، ولم يقع بينهما بيع ولا شراء، وذهب الرجل ليأتي بالثمن المفصول ويشتري النيل، فلم يتيسر له ثمنه، ثم بعد مدة طويلة غلا النيل غلاء عظيما، فأتى الرجل إلى الفقيه ليشتري منه النيل، فساومه فيه مساومة جديدة، وأراد أن يأخذه بالسعر الغالي سعر الوقت، فقال الفقيه: أليس قد حصل بيني وبينك فصل في ثمنه؟ قال: بلى، ولكن لم أشتره بعد، فقال الفقيه: أنا لا أخلف قولي، خذ النيل بالثمن الذي قد اتفقنا عليه أولا، فأبى الرجل وقال: أنا ما أريد النيل إلا لغيري، وأنت أحق بما زاد لك، فقال الفقيه: خذ النيل بالثمن الأول، وبعه بما شئت.


(١) «الجوهر الشفاف» (١/ ٢٣١)، و «البرقة المشيقة» (ص ٥٤)، و «تاريخ شنبل» (ص ١٠٥).
(٢) في (ق) و (م): (القضية).

<<  <  ج: ص:  >  >>