توفي بزبيد يوم الأحد رابع رمضان من سنة أربع وتسعين وثمان مائة، وأعظم الناس أمره، وكان له مشهد عظيم.
٤٣٣٨ - [أحمد بن محمد المقرطس](١)
أحمد بن محمد المعروف بالمقرطس، شيخ دار الضرب بزبيد، وقابض أموال السلطان بها.
ولما ولي الأمير محمد بن عيسى البعداني إمارة زبيد .. تزوج أخت المقرطس المذكور، فعظم أمره، وزادت حرمته، فكان لا يمنع من الدخول على الأمير أيّ وقت شاء.
ولما ولي الملك الظافر عامر بن عبد الوهاب اليمن، وحصلت الفتن من أخواله عبد الله بن عامر وإخوته، وكان غالب العسكر الذي مع الأمير البعداني بزبيد من مدل وغيرها الذي قد استولى الشيخ عبد الله بن طاهر على بلدانهم .. فخامروا على الأمير البعداني، وهموا بقتله، وساعدهم المقرطس على ذلك، فدخل على الأمير في الدار الكبير صبيح يوم الاثنين ثاني عشر رمضان من سنة أربع وتسعين وثمان مائة من غير استئذان على جاري عادته، ودخل معه شخصان من أهل مدل ليقتلا الأمير، ولم يكن عند الأمير سوى عبد في حاشية المجلس، فلما دخل .. وثب على الأمير ليلزمه، وأشار إلى الرجلين أن يقتلا الأمير، فأمر الأمير العبد الذي في حاشية المجلس أن يقتل المقرطس، فبادر العبد، وضرب المقرطس بالسيف ضربة قطع بها عضده، فأفلت الأمير، وأدهش من لقيه بذهب كان ينثره لهم حتى خرج من الدار، وقتل الرجلان اللذان دخل بهما صحبته، واختفى المقرطس في دار الضرب إلى نصف النهار، فأنذروا به، فلما علم بذلك .. خرج ليستجير ببيت الشيخ ابن أبي العباس الهتار، فواجهه ديواني-يقال له: الشوكة-في الطريق، فضربه بعود في رأسه، فسقط عند باب حسن الأقطع في الطريق، وطعنه عبد آخر في صدره طعنات، فمات، وسلب ثيابه، وطرح في الطريق عاريا، ثم أرسل الأمير من ستره وحمله إلى بيته، فجهّز، وصلي عليه، ودفن عصر ذلك اليوم.