وكان الثوري يقول: الأصمعي أحفظ الناس، وأبو عبيدة أجمعهم، وأبو زيد الأنصاري أوثقهم.
وكان النضر بن شميل يقول: كنا في كتّاب واحد أنا وأبو زيد الأنصاري وأبو محمد اليزيدي.
قال بعضهم: كان الأصمعي يحفظ ثلث اللغة، وكان أبو زيد يحفظ ثلثيها.
وكان صدوقا صالحا.
توفي سنة أربع-أو خمس-عشرة ومائتين، عمّر رحمه الله حتى قارب المائة.
١٠٤٩ - [عمرو بن مسعدة الكاتب](١)
أبو الفضل عمرو بن مسعدة بن سعيد الكاتب أحد وزراء المأمون.
كان كاتبا فصيحا بليغا، جزل العبارة وجيزها، سديد المقاصد والمعاني.
أمره المأمون أن يكتب لشخص كتابا إلى بعض العمال بالوصية عليه والاعتناء بأمره، فكتب له: كتابي إليك كتاب واثق بمن كتب إليه، معنيّ لمن كتب له، ولن يضيع بين الثقة والعناية موصله، والسلام.
وقيل: إن هذا من كلام الحسن بن وهب.
يحكى أنه تزوجت أم بعض الرؤساء، فساءه ذلك، فكتب إليه أبو الفضل المذكور:
الحمد لله الذي كشف عنا ستر الحيرة، وهدانا لستر العورة، وجدع بما شرع من الحلال أنف الغيرة، ومنع من عضل الأمهات، كما منع من وأد البنات؛ استنزالا للنفوس الأبية عن الحمية حمية الجاهلية، ثم عرّض لجزيل الأجر من استسلم لوقائع قضائه، وعوض جزيل الذخر من صبر على نازل بلائه، وهنّاك الذي شرح للتقوى صدرك، ووسّع في البلوى صبرك، وألهمك التسليم لمشيئته، والرضى بقضيته، فلما قرأها ذلك الرئيس .. تسلى بها، وذهب عنه ما كان يجده.
وكتب إلى المأمون: كتابي إلى أمير المؤمنين ومن قبلي من قواده وسائر أجناده في
(١) «المعارف» (ص ٣٩١)، و «معجم الشعراء» للمرزباني (ص ٥٣)، و «تاريخ بغداد» (١٢/ ٢٠٣)، و «معجم الأدباء» (٦/ ٩٢)، و «وفيات الأعيان» (٣/ ٤٧٥)، و «سير أعلام النبلاء» (١٠/ ١٨١)، و «تاريخ الإسلام» (١٥/ ٣٢٨)، و «مرآة الجنان» (٢/ ٥٩).